الْخَلَائِقِ» (فَنَاجُونَ) أَيْ فَائِزُونَ مُخَلَّصُونَ (مُتَفَاوِتُونَ) أَيْ مُتَفَاضِلُونَ (فِي سُرْعَةِ النَّجَاةِ) أَيْ الْعَجَلَةِ (عَلَيْهِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ) مُتَعَلِّقٌ بِنَاجُونَ التَّقْدِيرُ فَنَاجُونَ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ عَلَى الصِّرَاطِ مُتَفَاوِتُونَ فِي سُرْعَةِ النَّجَاةِ (وَقَوْمٌ أَوْبَقَتْهُمْ) أَيْ أَهْلَكَتْهُمْ (فِيهَا) أَيْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ (أَعْمَالُهُمْ) وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِي سُقُوطِهِمْ فِي النَّارِ، وَيَدُلُّ لِمَا قَالَ مَا فِي مُسْلِمٍ: «فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَنَاجٍ مُسْلِمٌ وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ وَمَكْدُوشٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ» الْمَكْدُوشُ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ الْمَدْفُوعُ.
(وَ) مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ (الْإِيمَانُ) أَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ وَالسَّبْعِينَ أَلْفًا يَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ فَرَاجِعْهُ [قَوْلُهُ: فَنَاجُونَ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ مُقَابِلَهُ قَوْلُهُ بَعْدُ، وَقَوْمٌ أَوْبَقَتْهُمْ.
[قَوْلُهُ: مُخْلِصُونَ إلَخْ] مِنْ أَخْلَصَ فِي الْعَمَلِ أَيْ فَائِزُونَ؛ لِأَنَّهُمْ مُخْلِصُونَ.
[قَوْلُهُ: فِي سُرْعَةٍ] إذَا حَقَّقْت النَّظَرَ تَعْلَمُ أَنَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ سُرْعَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ نَاجُونَ أَيْ مِنْ السُّقُوطِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنْ تَكُونَ سُرْعَةٌ فِي الْمُرُورِ أَوْ لَا، فَلَوْ قَالَ فَنَاجُونَ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ مُتَفَاوِتُونَ فِي النَّجَاةِ، أَيْ الْمُتَحَقِّقَةِ مَعَ السُّرْعَةِ وَعَدَمِهَا لَكَانَ أَوْلَى، [قَوْلُهُ: أَيْ الْعَجَلَةِ] تَفْسِيرٌ لِسُرْعَةِ النَّجَاةِ أَيْ الْخُلُوصِ.
[قَوْلُهُ: التَّقْدِيرُ فَنَاجُونَ إلَخْ] أَيْ فَنَاجُونَ مُبْتَدَأٌ وَمِنْ نَارِ جَهَنَّمَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَقَوْلُهُ مُتَفَاوِتُونَ خَبَرٌ وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الصِّرَاطِ أَيْ حَالَةِ كَوْنِهِمْ عَلَى الصِّرَاطِ.
[قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِي سُقُوطِهِمْ إلَخْ] أَيْ فِي سُرْعَةِ الْوُقُوعِ وَالْإِبْطَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَقْفَهْسِيُّ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ أَتَمُّ وَنَصُّهُ: وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِي سُقُوطِهِمْ فِي النَّارِ، وَفِي وَصْفِ مَا يَنَالُهُمْ فِيهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ وَالْإِهَانَةِ وَسُفْلِ الدَّرَجَاتِ وَيُسْرِهَا عَلَى أَهْلِ التَّوْحِيد الْخَارِجِينَ مِنْهَا بَعْدَ الْعِقَابِ.
[قَوْلُهُ: فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ] بِسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ نَظَرِهَا [قَوْلُهُ: وَكَأَجَاوِيدَ إلَخْ] ذَكَرَ فِي الْقَامُوسِ، أَنَّ جَوَادًا مِنْ الْخَيْلِ يُجْمَعُ عَلَى جِيَادٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مُفْرَدَ أَجَاوِيدَ فَلَا أَدْرِي هَلْ هُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ جِيَادٌ أَوْ جَمْعٌ آخَرُ لِلْمُفْرَدِ الَّذِي هُوَ جَوَادٌ. وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْمِصْبَاحِ وَلَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ وَلَا فِي غَيْرِهِمَا [قَوْلُهُ: وَالرِّكَابُ] هِيَ الْإِبِلُ أَيْ مَا يُرْكَبُ مِنْ الْإِبِلِ غَلَبَ فِيهِ كَمَا غَلَبَ الرَّاكِبُ عَلَى رَاكِبِهِ الْوَاحِدَةُ رَاحِلَةٌ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، أَيْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجُوزُهُ عَدْوًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَجُوزُهُ مَشْيًا وَمِنْهُمْ حَبْوًا وَمِنْهُمْ عَلَى الْبَطْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَجُوزُهُ عَلَى مِائَةِ عَامٍ وَآخَرُ يَجُوزُهُ عَلَى أَلْفِ عَامٍ.
[قَوْلُهُ: مُسَلَّمٌ] تَوْضِيحٌ لِنَاجٍ أَيْ مِنْهُمْ النَّاجِي وَهُوَ الْمُسَلَّمُ مِنْ خَدْشِ الْكَلَالِيبِ وَمُسَلَّمٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ.
[قَوْلُهُ: وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ] أَيْ تَخْدِشُهُ الْكَلَالِيبُ وَيَسْقُطُ وَيَقُومُ وَيُجَاوِزُهُ بَعْدَ أَعْوَامٍ كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيُّ وَكَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى مُسَلَّمٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ النَّاجِينَ مِنْ الْوُقُوعِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَهِيَ جَمْعُ كُلَّابِ بِالضَّمِّ أَوْ كَلُّوبٍ بِالْفَتْحِ وَشَدِّ اللَّامِ حَدِيدَةٌ مُعْوَجَّةُ الرَّأْسِ أَوْ عُودٌ فِي رَأْسِهِ اعْوِجَاجٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ.
[قَوْلُهُ: بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ] عِيَاضٌ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ.
قَالَ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ مَكْدُوسٌ فِي النَّارِ أَيْ مَدْفُوعٌ وَتَكَدَّسَ الْإِنْسَانُ إذَا دُفِعَ مِنْ وَرَائِهِ وَيُرْوَى بِالْمُعْجَمَةِ مِنْ الْكَدْشِ وَهُوَ السَّوْقُ الشَّدِيدُ اهـ.
الْمُرَادُ مِنْهُ أَقُولُ وَقَضِيَّةُ الْحَدِيثِ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ تَخْدِشُهُ الْكُلَّابُ وَتَجْذِبُهُ إلَى أَنْ يَسْقُطَ فِي النَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: فِيهِ مَدْفُوعٌ فِي النَّارِ بَلْ مَجْذُوبٌ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْمَدْفُوعِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَهَذَا فِي قُوَّةِ الْمَدْفُوعِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْفَاكِهَانِيَّ ذَكَرَ هَذَا الْقِسْمَ حَيْثُ قَالَ فَمِنْ جَائِزٍ عَلَيْهِ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ إلَى أَنْ قَالَ وَعَلَى الْبَطْنِ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ وَمَكْدُوشٌ فِي النَّارِ مُخْتَطَفٌ بِكَلَالِيبَ ثُمَّ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعَانِي: إنَّ مُرُورَ الْخَلَائِقِ وَتَفَاوُتَهُمْ بِحَسَبِ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ، إذَا خَطَرَتْ فِي قُلُوبِهِمْ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ أَسْرَعَ إعْرَاضًا عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ كَانَ أَسْرَعَ مُرُورًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، حَتَّى يَكُونَ أَحَدُكُمْ كَالْبُرَاقِ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ] الصَّوَابُ حَذْفُ اعْتِقَادِهِ؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ يُعْتَقَدُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُعْتَقَدُ إنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقُهُ، وَحَيْثُ قُلْنَا