وَاجِبٌ وَعَلَى مَنْ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ (وَتَدْعُو فِي السُّجُودِ إنْ شِئْت) ظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ وَالْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُهُ (وَلَيْسَ لِطُولِ ذَلِكَ) السُّجُودِ (وَقْتٌ) أَيْ حَدٌّ فِي الْفَرِيضَةِ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ مَا لَمْ يَطُلْ جِدًّا، فَإِنْ طَالَ كُرِهَ، وَأَمَّا فِي النَّافِلَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَفِي حَقِّ الْإِمَامِ أَيْضًا مَا لَمْ يَضُرَّ بِمَنْ خَلْفَهُ (وَأَقَلُّهُ) أَيْ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنْ اللُّبْثِ فِي السُّجُودِ (أَنْ تَطْمَئِنَّ) أَيْ تَسْتَقِرَّ (مَفَاصِلُك) عَنْ الِاضْطِرَارِ اطْمِئْنَانًا (مُتَمَكِّنًا) .
وَالْمَفَاصِلُ جَمْعُ مَفْصِلٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ: الْأَعْضَاءُ، وَأَمَّا مِفْصَلٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ فَهُوَ اللِّسَانُ، فَالطُّمَأْنِينَةُ فَرْضٌ فِي السُّجُودِ وَفِي سَائِرِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ. ع: لَيْسَ فِي الرِّسَالَةِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ الطُّمَأْنِينَةِ إلَّا مِنْ هُنَا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنَّمَا هُوَ ظَوَاهِرُ وَاخْتُلِفَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ فَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ سُنَّةٌ (ثُمَّ) إذَا فَرَغْت مِنْ التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ (تَرْفَعُ رَأْسَك بِالتَّكْبِيرِ) أَيْ مُصَاحِبًا لَهُ، وَهَذَا الرَّفْعُ فَرْضٌ بِلَا خِلَافٍ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَدُّدُ السُّجُودِ بِغَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَهُمَا وَبَعْدَ أَنْ تَرْفَعَ رَأْسَك (فَ) إنَّك (تَجْلِسُ) وُجُوبًا بِمِقْدَارِ مَا يَسَعُ الِاعْتِدَالَ (تُثْنِي) أَيْ تَعْطِفُ (رِجْلَك الْيُسْرَى فِي جُلُوسِك بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَتَنْصِبُ) أَيْ تُقِيمُ رِجْلِك (الْيُمْنَى وَ) .
تَكُونُ (بُطُونُ أَصَابِعِهَا إلَى الْأَرْضِ) وَهَذِهِ الصِّفَةُ لَا تَخْتَصُّ بِالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بَلْ هِيَ صِفَةُ جَمِيعِ الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ، وَسَكَتَ عَنْ قَدَمِ الْيُسْرَى أَيْنَ يَضَعُهَا.
قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: يَضَعُهَا تَحْتَ سَاقِهِ الْأَيْمَنِ (وَ) إذَا رَفَعْت رَأْسَك مِنْ السُّجُودِ فَإِنَّك أَيْضًا (تَرْفَعُ يَدَيْك عَنْ الْأَرْضِ) فَتَجْعَلُهُمَا (عَلَى رُكْبَتَيْك) وَإِذَا لَمْ تَرْفَعْهُمَا عَنْ الْأَرْضِ فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِك قَوْلَانِ، أَشْهُرُهُمَا عَلَى مَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَتَدْعُو فِي السُّجُودِ] أَيْ بِدُعَاءِ الْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِأَمْرٍ جَائِزٍ شَرْعًا وَعَادَةً لَا بِمُمْتَنِعٍ وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ، وَلَيْسَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ هَذَا دُعَاءٌ مُجَرَّدٌ عَنْ تَسْبِيحٍ. [قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ إلَخْ] وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا خَيَّرَ إشَارَةً لِمَنْ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ الدُّعَاءِ.
[قَوْلُهُ: اطْمِئْنَانًا إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُتَمَكِّنًا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَفِيهِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ حَيْثُ وَصَفَ الِاطْمِئْنَانَ بِالتَّمَكُّنِ أَيْ الثُّبُوتِ. [قَوْلُهُ: مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ إلَخْ] فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْ تَطْمَئِنَّ وُجُوبًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ قَدْ جَعَلَهَا أَقَلَّ السُّجُودِ، أَيْ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ فِي السُّجُودِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ فَيَكُونُ فَرْضًا لِأَنَّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ الَّذِي هُوَ السُّجُودُ فَهُوَ وَاجِبٌ. [قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ هُنَا] الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ إلَّا هَذَا الْمَوْضِعَ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَا. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنَّمَا هُوَ ظَوَاهِرُ] أَيْ كَقَوْلِهِ قَائِمًا مُطْمَئِنًّا [قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي الزَّائِدِ إلَخْ] قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ وَانْظُرْ مَا قَدْرُ هَذَا الزَّائِدِ فِي حَقِّ الْفَذِّ وَالْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ وَهَلْ هُوَ مُسْتَوٍ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَفِي غَيْرِهِ أَمْ لَا كَالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمِنْ السُّجُودِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَعْنِي خَلِيلًا يَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ.
[قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي مَشَى إلَخْ] وَقِيلَ: وَاجِبٌ ذِكْرُهُ تت. [قَوْلُهُ: مَا يَسَعُ الِاعْتِدَالَ] أَيْ بِقَدْرِ زَمَنٍ يَسَعُ الِاعْتِدَالَ. أَقُولُ: ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلْ أَيْ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى زَمَنٍ يَسَعُهُ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ فَيَقُولُ فَإِنَّك تَجْلِسُ وُجُوبًا مُعْتَدِلًا. [قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الصِّفَةُ إلَخْ] عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَحْسَنُ وَنَصُّهَا لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي جُلُوسِك بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إذْ جُلُوسُهُ حَالَ التَّشَهُّدِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا جُلُوسُ مَنْ يُصَلِّي قَاعِدًا حَالَةَ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ فَهُوَ التَّرَبُّعُ اسْتِحْبَابًا اهـ.
وَانْظُرْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بُطُونُ إلَخْ، مَعَ قَوْلِ خَلِيلٍ بِجَعْلِ إبْهَامِهَا عَلَى الْأَرْضِ، أَيْ بَاطِنِ إبْهَامِهَا وَنَحْوِهِ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي بَعْضِ شُرُوحِهِ وَكَذَا بَاطِنُ بَعْضِ الْأَصَابِعِ فَالْأَحْسَنُ مَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ.
[قَوْلُهُ: تَحْتَ سَاقِهِ الْأَيْمَنِ] وَقِيلَ: بَيْنَ فَخْذَيْهِ وَقِيلَ خَارِجًا وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. [قَوْلُهُ: فَتَجْعَلُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْك] قَالَ ابْنُ نَاجِي: لَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ.
وَقَوْلُهُ عَلَى رُكْبَتَيْك، أَيْ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ مُسْتَوِيَتَيْ