قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: أَبْوَابُ الذَّرَائِعِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَلَا يُمْكِنُ حَصْرُهَا، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَانَ كَالرَّاعِي حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ» .
مَسْأَلَةٌ: قَالَ الْقَرَافِيُّ: الذَّرِيعَةُ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: مُعْتَبَرٌ إجْمَاعًا كَحَفْرِ الْآبَارِ فِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلْقَاءِ السِّلْمِ فِي أَطْعِمَتِهِمْ، وَسَبِّ الْأَصْنَامِ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى حِينَئِذٍ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مُلْغًى إجْمَاعًا كَزِرَاعَةِ الْعَلْسِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ ذَلِكَ خَشْيَةَ الْخَمْرِ وَالشَّرِكَةِ فِي سُكْنَى الدَّارِ خَشْيَةَ الزِّنَا.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَبُيُوعِ الْآجَالِ، اعْتَبَرَ الْمَالِكِيَّةُ الذَّرِيعَةَ فِيهَا وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ وَسِيلَةُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمَةٌ، وَكَذَلِكَ وَسِيلَةُ الْوَاجِبِ وَاجِبَةٌ كَالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ وَالسَّفَرِ لِلْحَجِّ، فَكَمَا يَجِبُ سَدُّ الذَّرَائِعِ يَجِبُ فَتْحُهَا كَمَا مَثَّلْنَا.
فَرْعٌ: وَمِنْ ذَلِكَ الْبَيْعُ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ الْمُوجِبُ لِسَعْيِ الْمُتَبَايِعِينَ أَوْ أَحَدُهُمَا لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى التَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ أَوْ فَوَاتِ بَعْضِهَا، فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُفْسَخُ، وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ مِنْ الْعُقُودِ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ وَالْإِجَارَةِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لَا شَكَّ أَنَّهَا كَالْبَيْعِ لِأَنَّهَا مُشْغِلَةٌ وَاخْتُلِفَ فِي الْفَسْخِ أَيْضًا وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْفَسْخَ فِي الْإِقَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ إذَا خَافَ مِنْ الْمُتَبَايِعِينَ الْوُقُوعَ فِي الْمُحَرَّمِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْهُ.
فَرْعٌ: وَمِنْ ذَلِكَ السَّفَرُ بِالْمُصْحَفِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ خَشْيَةَ تَمَلُّكِهِ وَوُقُوعِهِ بِأَيْدِيهِمْ فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ إلَى بِلَادِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute