كَذَا بِكَذَا وَكَذَا، وَثَبَتَ لِي ذَلِكَ عِنْدَ قَاضِي بَلَدِ كَذَا، فَيَسْأَلُهُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَيَذْهَبُ إلَيْهِ فَيَأْتِيهِ مِنْ عِنْدِهِ بِكِتَابٍ إنِّي قَدْ حَكَمْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَكَذَا، فَهَذَا لَا يَجُوزُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ شَاهِدٌ، وَلَوْ أَتَى الرَّجُلُ ابْتِدَاءً إلَى الْقَاضِي فَقَالَ: خَاطِبْ لِي قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا بِمَا ثَبَتَ لِي عِنْدَك عَلَى فُلَانٍ، أَوْ بِمَا حَكَمْت لِي بِهِ عَلَيْهِ فَخَاطَبَهُ بِذَلِكَ جَازَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مُخْبِرٌ وَلَيْسَ بِشَاهِدٍ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ فَانْظُرْهُ.
فَرْعٌ: وَفِي كِتَابِ الرُّعَيْنِيِّ قَالَ: وَأَصْحَابُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يُجِيزُونَ كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، عَلَى الصِّفَةِ وَالْحِلْيَةِ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَالدَّارِ وَالْأَرْضِينَ، كَانَتْ بِيَدِ مَالِكٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ: أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانٍ، قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا إلَّا ابْنَ كِنَانَةَ، فَإِنَّهُ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ فِيمَا هُوَ فِي يَدِ أَحَدٍ يَدَّعِيهِ مِلْكًا لَهُ، وَيَقُولُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ تَحْمِلَ الشُّهُودَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي بِهِ الشَّيْءُ الْمُدَّعَى فِيهِ، حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْقَاضِي يَكْتُبُ لِلرَّجُلِ كِتَابًا إلَى قَاضٍ غَيْرِهِ بِحَقٍّ ثَبَتَ لَهُ، أَوْ حَقٍّ طَلَبَهُ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ، قَالَ: لَا يَضُرُّهُ مَوْتُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا، وَعَلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنْ يُنَفِّذَهُ وَيَعْمَلَ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ عُزِلَ فَحَقٌّ عَلَى مَنْ وَلِيَ مَكَانَهُ إنْفَاذُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا كُلِّهِ السُّلْطَانُ الَّذِي إذَا زَالَ مِنْ وَاحِدٍ كَانَ فِي آخَرَ.
وَقَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ لِي ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ مِثْلَهُ وَقَالَا لِي: هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا كُلِّهِمْ.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ قَبُولِ كُتُبِ الْقُضَاةِ سَوَاءٌ مَاتَ الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ وُصُولِ كِتَابِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ، مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَشْهَدَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ عَلَى كِتَابِهِ، لِأَنَّ إشْهَادَهُ عَلَيْهِ كَإِشْهَادِهِ عَلَى حُكْمٍ نَفَذَ، وَأَمَّا عَلَى مَا الْتَزَمَهُ الْحُكَّامُ وَعَمِلُوا بِهِ فِي قُطْرِ الْمَغْرِبِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مِنْ الِاجْتِزَاءِ بِمَعْرِفَةِ خَطِّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَالْعَمَلِ بِذَلِكَ دُونَ إشْهَادٍ مِنْ الْقَاضِي عَلَى كِتَابِهِ، فَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ وَلَا الْعَمَلُ بِهِ إلَّا أَنْ يَصِلَ، وَالْقَاضِي الَّذِي كَتَبَ عَلَى حَالِ وِلَايَتِهِ تِلْكَ، فَإِنْ مَاتَ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ وُصُولِ كِتَابِهِ وَثُبُوتِهِ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute