وَقَالَ صَاحِبُ الْبَسِيطِ مِنْ النَّحْوِيِّينَ: إنَّمَا حُكِمَ لِعَلَمِ الْجِنْسِ بِالْعَلَمِيَّةِ، لِأَنَّهُمْ عَامَلُوهُ مُعَامَلَةَ الْأَعْلَامِ فِي أَرْبَعَةِ أُمُورٍ: دُخُولِ " أَلْ " عَلَيْهَا، وَإِضَافَتِهَا، وَفِي نَصْبِ الْحَالِ عَنْهَا نَحْوَ هَذَا أُسَامَةُ مُقْبِلًا، وَامْتِنَاعِ صَرْفِهَا عِنْدَ وُجُودِ عِلَّتَيْنِ فِيهَا، وَفِي تَحَقُّقِ عِلْمِيَّتِهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا لِأَبِي سَعِيدٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ بَابْشَاذَ وَابْنُ يَعِيشَ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ عَلَى الْجِنْسِ بِأَسْرِهِ بِمَنْزِلَةِ تَعْرِيفِ الْجِنْسِ بِاللَّامِ فِي نَحْوِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: ثُعَالَةُ يَفِرُّ مِنْ أُسَامَةَ، أَيْ أَشْخَاصُ هَذَا الْجِنْسِ يَفِرُّ مِنْ أَشْخَاصِ هَذَا الْجِنْسِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْتَاجُوا فِي هَذَا النَّوْعِ إلَى تَعْيِينِ الشَّخْصِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَعْلَامِ، لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ أَفْرَادِهَا.
قَالَ ابْنُ يَعِيشَ: وَتَعْرِيفُهَا لَفْظِيٌّ، وَهِيَ فِي الْمَعْنَى نَكِرَاتٌ، لِأَنَّ اللَّفْظَ وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى الْجِنْسِ فَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى أَفْرَادِهِ، وَلَا يَخُصُّ شَخْصًا بِعَيْنِهِ، وَعَلَى هَذَا فَيَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْعَلَمِ.
وَالثَّانِي: لِابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلْحَقَائِقِ الْمُتَّحِدَةِ فِي الذِّهْنِ بِمَنْزِلَةِ التَّعْرِيفِ بِاللَّامِ لِلْمَعْهُودِ الذِّهْنِيِّ نَحْوَ أَكَلْت الْخُبْزَ وَشَرِبْت الْمَاءَ، فَإِذَا أُطْلِقَ عَلَى الْوَاحِدِ فِي الْوُجُودِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَصْدِ إلَى الْحَقِيقَةِ، فَالتَّعَدُّدُ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ لَا بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَسَدٍ وَأُسَامَةَ أَنَّ أَسَدًا مَوْضُوعٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ النَّوْعِ عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِ، فَالتَّعَدُّدُ فِيهِ مِنْ أَصْلِ الْوَضْعِ، وَأَمَّا أُسَامَةُ فَإِنَّهُ لَزِمَ مِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْوَاحِدِ فِي الْوُجُودِ التَّعَدُّدِ، فَالتَّعَدُّدُ جَاءَ فِيهِ ضِمْنًا لَا مَقْصُودًا بِالْوَضْعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute