للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: أَنَّ التَّنَازُعَ فِي الْقِيَاسِ الْمُرَكَّبِ يَقَعُ فِي وُجُودِ الْعِلَّةِ دُونَ الِاعْتِبَارِ، وَفِي غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَقْيِسَةِ يَقَعُ فِي الِاعْتِبَارِ دُونَ الْوُجُودِ. وَأَلْحَقَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ الْقِيَاسَ بِالطَّرْدِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ قَالَ: وَطَائِفَةٌ مِنْ الْجَدَلِيِّينَ يُصَحِّحُونَهُ وَيَقُولُونَ: الْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ، وَالْمُعَلِّلُ عَلَّلَ بِالْأُنُوثَةِ وَهِيَ تَعْلِيلٌ صَحِيحٌ وَقِيَاسٌ عَلَى أَصْلٍ مُسَلَّمٍ، فَاخْتِلَافُ الْمَذَاهِبِ لَا يَضُرُّ قَبْلَ هَذَا التَّعْلِيلِ. وَالدَّلِيلُ لَا يَرْضَى بِهِ مُحَقِّقٌ.

قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَاَلَّذِي يُوقِعُ فِي التَّرْكِيبِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إنَّمَا هُوَ عِلْمُ الْمُرَكَّبِ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْإِشْهَادِ عَلَى مَعْنَاهُ بِأَصْلِ الْعِلَّةِ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ الْمُرْسَلَ بَاطِلٌ فَيُحِيلُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ الْمُرْسَلِ بِصُورَةِ الْأَقْيِسَةِ فَيَتَخَلَّفُ أَيْضًا فِي كَوْنِهِ أَصْلًا فِيهِ وَهُوَ بِالْحَقِيقَةِ نَفْسُ الْفَرْعِ، وَهَذِهِ حِيَلٌ جَدَلِيَّةٌ لَا وَقْعَ لَهَا عِنْدَ طَالِبِ التَّحْقِيقِ، وَلَوْ سَلَّمَ الْخَصْمُ مَا جَعَلَهُ الْمُسْتَدِلُّ عِلَّةً فِي الْأَصْلِ فِيهِمَا، أَوْ أَثْبَتَ الْمُسْتَدِلُّ وُجُودَهَا فِي الْأَصْلِ، أَوْ سَلَّمَ النَّاظِرُ انْتَهَضَ الْمُسْتَدِلُّ عَلَى الْخَصْمِ، فَلَوْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْأَصْلِ وَلَكِنْ أَثْبَتَ الْمُسْتَدِلُّ بِأَصْلِ حُكْمِ الْأَصْلِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ بِمُوَافَقَةِ الْحُكْمِ، ثُمَّ أَثْبَتَ الْعِلَّةَ بِطَرِيقِهَا، فَإِنَّهُ يَنْتَهِضُ دَلِيلُهُ عَلَى الْخَصْمِ الْمُجْتَهِدِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُقْبَلُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَتَعَلَّقُ بِالْعِلَّةِ فَذَكَرَ فِيهَا السَّبَبَ. وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى سِتَّةِ أَضْرُبٍ: مُرَكَّبِ الْأَصْلِ، وَمُرَكَّبِ الْفَرْعِ، وَمُرَكَّبِ الْوَصْفِ، وَمُرَكَّبِ الْأَصْلِ وَالْوَصْفِ، وَمُرَكَّبِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَمُرَكَّبِ الْأَصْلِ وَالْوَصْفِ وَالْفَرْعِ، وَزَادَ هُوَ قِسْمًا سَابِعًا وَهُوَ مُرَكَّبُ الْوَصْفِ وَالْفَرْعِ، وَالْمُسْتَعْمَلُ مِنْ هَذِهِ ثَلَاثَةٌ: مُرَكَّبُ الْأَصْلِ، وَمُرَكَّبُ الْوَصْفِ، وَمُرَكَّبُ الْأَصْلِ وَالْوَصْفِ. مِثَالُ مُرَكَّبِ الْأَصْلِ تَعْلِيلُ أَصْحَابِنَا فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ أَنَّهُ مُسْلِمٌ قَتَلَ كَافِرًا فَلَمْ يُقْتَلْ بِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِمُثَقَّلٍ، وَوَجْهُ تَرْكِيبِ الْأَصْلِ أَنَّ الْقَتْلَ بِالْمُثَقَّلِ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ عِنْدَ الْمُخَالِفِ لِكَوْنِهِ قَتْلًا بِمُثَقَّلٍ، وَعِنْدَنَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ

<<  <  ج: ص:  >  >>