الْإِكْثَارُ مِنْهُ يُضْعِفُ الْبَصَرَ وَيَضُرُّ بِالْعَصَبِ، وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الِاسْتِسْقَاءِ، وَيُقِلُّ ضَرَرَهُ مَزْجُهُ بِالْمَاءِ وَالسُّكَّرِ، وَيُهْزِلُ وَيُسْقِطُ الْقُوَّةَ وَيُقَوِّي السَّوْدَاءَ. وَالْخَبَرُ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أُمِّ سَعْدٍ مَرْفُوعًا: «نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الْخَلِّ فَإِنَّهُ كَانَ إدَامَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي وَلَمْ يَفْقَرْ بَيْتٌ فِيهِ خَلٌّ» إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ بِلَا خِلَافٍ.
وَمِنْ حِفْظِ الصِّحَّةِ أَكْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِمَّا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ الْفَاكِهَةِ وَهِيَ دَوَاءٌ نَافِعٌ إذَا أُكِلَتْ عَلَى مَا يَنْبَغِي، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ فِي كُلِّ بَلَدٍ مِنْ الْفَاكِهَةِ مَا يُنَاسِبُهُمْ، وَمَنْ احْتَمَى عَنْهَا مُطْلَقًا إنْ انْتَفَعَ بِذَلِكَ فَضَرَرُهُ أَكْثَرُ.
وَمِنْ حِفْظِ الصِّحَّةِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ أَحَبُّ الشَّرَابِ إلَيْهِ الْحُلْوَ الْبَارِدَ» قَالَتْهُ عَائِشَةُ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَيُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ: أَيُّ الشَّرَابِ أَطْيَبُ؟ قَالَ: الْحُلْوُ الْبَارِدُ.» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهَذَا أَصَحُّ. وَهَذَا مِنْ أَلَذِّ شَيْءٍ وَأَنْفَعِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْبَارِدَ رَطْبٌ، رُطُوبَتُهُ فِي الدَّرَجَةِ الرَّابِعَةِ، وَشُرْبُهُ بَعْدَ الطَّعَامِ يُقَوِّي الْمَعِدَةَ، وَيُنْهِضُ الشَّهْوَةَ، وَيُجْزِئُ قَلِيلُهُ، وَيُخْلِفُ عَلَى الْبَدَنِ مَا تَحَلَّلَ مِنْ رُطُوبَاتِهِ، وَيَرْفُقُ الْغِذَاءَ وَيُسْرِعُ نُفُوذَهُ وَإِيصَالَهُ إلَى الْأَعْضَاءِ، لَكِنَّ الْإِكْثَارَ مِنْهُ يُورِثُ هُزَالًا. يُقَال: هَزِلَ لَحْمُهُ بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ: اضْطَرَبَ وَاسْتَرْخَى
، وَيُحْدِثُ كِرَازًا وَسُبَاتًا وَرَعْشَةً وَنِسْيَانًا فَيُقْتَصَرُ عَلَى أَكْثَرِ مَا يَرْوِي، وَقِيلَ عَلَى نِصْفِهِ. وَالْمَاءُ رَدِيءٌ لِلْقُرُوحِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْطَشَ، فَإِنَّهُ يُوهِنُ الشَّهْوَةَ وَالْقُوَّةَ، وَيُجَفِّفُ، وَيُظْلِمُ الْبَصَرَ. وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ أَنَّهُ لَا يُغَذِّي؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَمِّي الْأَعْضَاءَ وَلَا يُخْلِفُ عَلَيْهَا بَدَلَ مَا حَلَّلَتْهُ الْحَرَارَةُ كَالطَّعَامِ، وَلَا يُكْتَفَى بِهِ بَدَلَ الطَّعَامِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُغَذِّي الْبَدَنَ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ عَنْ زَمْزَمَ إنَّهَا مُبَارَكَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute