للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقويها، فلأجل ذلك قالوا: فزعت (١) من كذا، أي ضعفت عن حمله عند طريانه عليّ، وفزعت إلى كذا أي تشوقت نفسي عند ذلك إلى ما يقويها على إزالة (٢) ما نزل بها، والآخرة كلها خلاف العادة فهي فزع كلها. وفي التنزيل: ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ [الأنبياء: ١٠٣] وقد اختلف فيه (٣)، فقيل: هو قوله: ﴿لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ﴾ [الفرقان: ٢٢]، وقيل: إذا طبقت النار على أهلها وذبح الموت بين الجنة والنار. وقال الحسن (٤): هو وقت يؤمر بالعباد إلى النار، وعنه أن الفزع الأكبر: النفخة الآخرة، وتتلقاهم الملائكة بالبشارة (٥) حين (٦) يخرجون من قبورهم.

ومنها: يوم التناد، بتخفيف الدال من النداء وتشديدها من الندّ (٧) إذا ذهب، وهو قوله: ﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾ [غافر: ٣٣] وهو الذهاب في غير قصد، وروي أيضًا عن أبي هريرة أن رسول الله قال: يأمر الله إسرافيل فينفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السموات والأرض (٨) وهي التي يقول الله: ﴿وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥)[ص: ١٥] فيسيِّر الله الجبال، وتُرج الأرض بأهلها رجًّا، وهي التي يقول الله: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (٨) أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (٩)[النازعات: ٦ - ٩]، فيميد الناس على ظهرها، فتذهل المراضع، وتضع الحوامل، وتشيب الولدان، ويولي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضًا، وهو الذي يقول الله تعالى: ﴿يَوْمَ التَّنَادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾ [غافر: ٣٢ - ٣٣].


(١) في (الأصل، ظ): فزعنا، تصويبه من (ع، م)؛ ولأن الضمير ما بعده يدل عليه.
(٢) (إزالة): ليست في (ع، ظ)، والأصل يتوافق مع (م).
(٣) في (ع): فيها.
(٤) لم أقف على من ذكر قوله
(٥) (بالبشارة): ليست في (ظ).
(٦) في (الأصل، ع): حتى، تصويبه من (ظ، م).
(٧) في (ظ، م): ندّ، وفي (ع): ندا.
(٨) من هذا الموضع إلى قوله: وتشيب الولدان، ليس في (ع، ظ)، والأصل يتوافق مع (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>