للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أماوي ما يغني الثراء عن الفتى … إذا حشرجت (١) يومًا وضاق بها الصدر

فكل من يقول: إن الروح تموت وتفنى فهو ملحد (٢)، وكذلك من يقول بالتناسخ (٣): إنها إذا خرجت من هذا ركبت في شيء آخر: حمار أو كلب أو غير ذلك، وإنما هي محفوظة بحفظ الله، إما منعمة وإما معذبة على ما يأتي (٤) بيانه إن شاء الله تعالى.

الفصل الثاني الإيمان بعذاب القبر وفتنته (٥): واجب، والتصديق به لازم، حسب ما أخبر به الصادق، وأن الله تعالى يحيي العبد المكلف في قبره برد الحياة إليه، ويجعله (٦) من العقل في مثل الوصف الذي عاش عليه ليعقل ما يسئل عنه وما يجيب به ويفهم ما آتاه من ربه، وما أعد له في قبره من (٧) كرامة وهوان؛ وبهذا نطقت الأخبار عن المختار (٨) وعلى آله وصحبه آناء الليل وأطراف النهار، وهذا مذهب أهل السنة، والذي عليه الجماعة من أهل الملة، ولم يفهم الصحابة الذين نزل القرآن بلسانهم ولغتهم من نبيهم غير ما ذكرنا، وكذلك التابعون بعدهم إلى هلم جرًا.

ولقد قال عمر بن الخطاب لما أخبر النبي بفتنة الميت في قبره، وسؤال منكر ونكير له وهما: ملكان، يا رسول الله أيرجع إلي عقلي؟ قال: نعم، قال: إذًا أكفيكهما، والله لئن سألاني لأسألنهما، فأقول لهما: أنا ربي الله، فمن ربكما أنتما (٩)؟.


(١) الحشرجة: الغرغرة عند الموت، وتردد النَفَس، النهاية في غريب الأثر ١/ ٣٨٩.
(٢) انظر: مزيد بيان في هذه المسألة كتاب الروح لابن القيم ص (١٤٥).
(٣) القائلون بالتناسخ أصناف: صنف من الفلاسفة وصنف من السمنية، وهذان الصنفان كانا قبل الإسلام، وصنفان ظهرا في الإسلام، أحدهما من جملة القدرية والآخر من جملة الرافضة الغالية. انظر: الفرق بين الفرق لعبد القاهر الجرجاني ص (٢٥٣ - ٢٥٦)، والملل والنحل للشهرستاني ٢/ ٢٥٥، ومقالات الإسلاميين للأشعري ص (١٤).
(٤) ص (٤٢٧) وما بعدها.
(٥) في (ظ): الإيمان بعذاب الله وفتنته.
(٦) في (ظ): يجعل له.
(٧) في (ظ): من كل.
(٨) في (ع، ظ): النبي المختار.
(٩) في مسند الحارث ١/ ٣٧٩، ح ٢٨١، مركز خدمة السنة بالمدينة النبوية، ط. =

<<  <  ج: ص:  >  >>