للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشابك للأجسام (١) المحسوسة، يجذب ويخرج، وفي أكفانه يلف ويدرج، وبه إلى السماء يعرج، لا يموت ولا يفنى، وهو مما له أول، وليس له آخر، وهو بعينين ويدين، وأنه ذو ريح طيب وخبيث، وهذه صفة الأجسام لا صفة الأعراض، وقد قال بلال في حديث الوادي: "أخذ بنفسي يا رسول الله الذي أخذ بنفسك" (٢)، وقال رسول الله مقابلًا (٣) له (٤) في حديث زيد بن أسلم في حديث الوادي: "يا أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء ردها إلينا في حين غير هذا" (٥)، وقال رسول الله : "إن الروح إذا قبض تبعه البصر" (٦)، وقال: "فذلك حين يتبع بصره نفسه" (٧)، وهذا غاية في البيان، ولا عطر بعد عروس (٨).

وقد اختلف الناس في الروح اختلافًا كثيرًا، أصح ما قيل فيه ما ذكرناه (٩) لك، وهو مذهب أهل السنة: أنه جسم (١٠)، وقد قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾، قال أهل التأويل: يريد الأرواح، وقال تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣)[الواقعة: ٨٣]، يعني: النفس عند خروجها من الجسد، وهذه صفة الجسم، ولم يجر لها ذكر في الآية لدلالة الكلام عليه (١١)، كقول الشاعر (١٢):


(١) في (ع): للأرواح.
(٢) أخرجه أبو داود ١/ ١١٨، ح ٤٣٥؛ والترمذي ٥/ ٣١٩، ح ٣١٦٣؛ وابن ماجه ١/ ٢٢٧، ح ٦٩٧، صححه الألباني، انظر: صحيح ابن ماجه ١/ ١١٥ - ١١٦، ح ٥٧١.
(٣) في (ع): مقابلة.
(٤) (له): ليست في (ع).
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٤، ح ٢٦؛ وأخرج الطبراني نحوه في مسند الشاميين ٢/ ١٤٤، ح ١٠٧٤، قال ابن عبد البر: هذا الحديث لم يسنده أحد عن زيد من رواة الموطأ، وقد جاء معناه متصلًا مسندًا من وجوه صحاح ثابتة، التمهيد ٥/ ٢٠٤.
(٦) تقدم تخريجه ص (١٨٣).
(٧) تقدم تخريجه ص (١٨٣).
(٨) هذا مثل عربي مشهور له قصة، ويروى: لا مخبأ لعطر بعد عروس، انظر: المستقصى في أمثال العرب للزمخشري ٢/ ٢٦٣؛ ومجمع الأمثال لأحمد بن محمد النيسابوري ٢/ ٢١١.
(٩) في (ظ): ذكرنا.
(١٠) انظر: كتاب الروح لابن القيم ص (١٧٧).
(١١) في (ع، ظ): عليها.
(١٢) ذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى له ٣/ ١٩٦ وفيه: عن عائشة لما حضر أبو بكر قلت كلمة من قول حاتم، ثم أنشدت البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>