وفاة المجمعين - وهو: المراد بانقراض العصر - شرط في استقرار
قول الجماعة وصحته.
جوابه:
يجاب عن ذلك بجوابين:
الجواب الأول: أن الأصل المقاس عليه لا نسلمه؛ فلا نسلم أن
وفاة - صلى الله عليه وسلم - شرط في حجية سُنَته، ولا في استقرارها، بل هي حُجَّة بمجرد ورودها، ولو لم تكن حُجَّة بمجرد ورودها لما وجبت
طاعته فيها، والإجماع حاصل في طاعته - صلى الله عليه وسلم -، وكذا يجب اعتقاد استقرار حجية السُّنَّة بمجرد ورودها حتى يظهر المغير، ولو لم يكن كذلك لارتفعت الثقة بالقرآن والسُّنَّة، وهذا باطل.
الجواب الثاني: لو سلمنا أن الأصل المقاس عليه صحيح - وهو
اشتراط وفاته في استقرار حجية السُّنَّة - فإن هذا القياس فاسد؛ لأنه
قياس مع الفارق؛ حيث إنه يوجد فرق بين قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين إجماع الأُمَّة، وهو: أن قول - صلى الله عليه وسلم - إنما لم يستقر قبل موته؛ لاحتمال نسخه وهو متوقع، وذلك إنما هو بالوحي القاطع، ورفع القاطع بالقاطع بطريق الوحي جائز في عهده - صلى الله عليه وسلم -، بخلاف رفع حكم الإجماع القاطع بطريق الاجتهاد، فإنه لا ينسخ.
المذهب الثالث: أن انقراض المجمعين شرط في إجماع الصحابة
فقط.
وهو اختيار ابن جرير الطبري وبعض العلماء.
دليل هذا المذهب: الوقوع؛ حيث وقع رجوع بعض الصحابة عن
إجماع الصحابة في مسألة معينة، فلو لم يشترط انقراض عصر