إن ما حدث في مشارق الممالك الإسلامية ومغاربها أثناء العصر العباسي من الانقلابات السياسية والاجتماعية كان له نتيجة ظاهرة في الحركة الفكرية للمتكلمين بالعربية ظهر ذلك في عباراتهم وأشعارهم بصور مختلفة. فمنها:(١) ازدياد شيوع المعاني الدقيقة، والتصورات الجميلة، والأخيلة البديعة.
(٢) التعويل على القياس والتعليل في الأحكام الفردية: بالإكثار من الحجج والبراهين العقلية وانتحاء مذاهب الفلسفة في الشعر والكتابة والتدريس ولا سيما بعد عصر الترجمة وأكثر ما كان ذلك بالمشرق وقلما عني به أهل المغرب.
(٣) التهويل والغلو في التفخيم المقتبس في المشرق من اللغة الفارسية والساري بعضه بالعدوى إلى أهل المغرب والأندلس.
[الألفاظ والأساليب]
غلب على عبارة اللغة العربية في هذه المدة أمران عظيمان: السهولة والمحسنات البديعية. ويشمل ذلك على ما يأتي:(١) انتقاء الألفاظ الرشيقة السهلة وقلة الحاجة إلى الارتجال.
(٢) ازدياد الميل إلى استعمال ألفاظ القرآن والاقتباس منه والاستشهاد به.
(٣) الإكثار من ألفاظ المجاز والتشبيه والتمثيل والكناية والمحسنات اللفظية.
(٤) التوسع في إدخال ألقاب التعظيم على أسماء الخلفاء والأمراء والعظماء.
(٥) تفاقم الخطب في استعمال الكلمات الأعجمية في كثير من الأشياء.
(٦) وضع اصطلاحات العلوم والفنون والصناعات ودار الحكومة وغيرها.
(٧) التأنق في صوغ العبارات وتوثيق الربط بينهما والميل إلى استعمال السجع.
(٨) التطرف إلى غاية حدي الأطناب والإيجاز ولكل منهما مقام.
(٩) حدوث لغة تأليفية لتعليم العلوم تقاس بمعيار المنطق لا بمعيار البلاغة.