للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الزمخشري في الفصل (وما جاء مضموم الميم والعين من نحو المسعط والمنخل والمدق والمدهن.. فقد قال سيبويه لم يذهب بها مذهب الفعل، ولكنها جعلت أسماء لهذه الأوعية) . وقال أيضاً (ومنخل ومصحف..) بضم الميم والخاء في الأول، وضم الميم وفتح الحاء في الثاني) . فجعل المصحف من هذه الأسماء ولورد إلى أصل مشتق. وقال سيبويه في الكتاب (٢/٣٧٨) : (ويكون الاسم على مفعل نحو مصحف ومخدع وموسى..) فدل هذا على أن (المصحف) قد اعتد في الأسماء. وقد شرح ابن يعيش قول الزمخشري في المفصل فقال (ومنه منخل اسم لآلة النخل.. ومنه المصحف من لفظ الصحيفة، تقول: أصحفته في مصحف أي جعلته صحيفة، وربما كسروا أوله وقالوا: مِصحف يشبهونه بالآلة..) .

وفي مفردات الراغب (والمصحف ما جعل جامعاً للصحف المكتوبة وجمعه مصاحف) .

ويتبين بما تقدم أن (المصحف) اسم أفرد عن المشتقات، وقد جاء مكسور الأول كاسم الآلة، وفارقه بأن أصله الضم. ففي أدب الكاتب لابن قتيبة (وكذلك قالوا مصحف وهو مأخوذ من أصحف أي جمعه فيه الصحف، وكسر أوله بعضهم استثقالاً للضم، وأصله الضم) . هذا وقد ورد في (المصحف) الفتح أيضاً فميمه مثلثة كما في اللسان والتاج.

أما (الموسى) لآلة الحديد ففيه خلاف: إذ ذهب بعضهم إلى أنه من أوسى رأسه إذا حلقه، فرأسه موسى. وهو على هذا اسم مفعول على مفعول بضم الميم وفتح العين، وهو مذكر، لكنه لم يستمر على هذا الأصل، إذ سمي به آلة الحديد فاستعمل لما (يوسى به) أي يحلق به. وقد اعتده سيبويه من الأسماء كما أشرنا إليه قبل (٢/٣٧٨) ، فجمع على (المواسي) كشأن الأسماء. قال صاحب المصباح (وأوجز ابن الأنباري فقال الموسى يذكر ويؤنث، وينصرف ولا ينصرف، ويجمع على قول الصرف: المواسي) . وذهب آخرون أنه مؤنث على (فُعلى) ممنوع من الصرف ميمه أصلية.

<<  <   >  >>