وأما أن (المعجم) في التأويل الآخر صفة أصلية جارية على الفعل، والصفة بابها التصحيح، فليس ذلك هو الوجه. فـ (المعجم) في هذا التأويل صفة غالبة انقطعت عن موصوفها فجرت مجرى الأسماء. وإلا فكيف جمعوا (المخزية والمصيبة والمدينة والمعقبة والمطيحة والمعجمة) على (المخازي والمصائب والمداين والمعاقب والمطاوح والمعاجم) ؟
فيما جمع على المهارق والمصاحف والمواسي والمطارف والمجاسد والمساند والمصاعب والمذاهب والمراسل.
وأورد الدكتور ناصر الدين الأسد (المهرق والمصحف والموسى والمطرف والمجسد والمسند والمصعب والمذهب والمرسلة) ، وقال:(ولم نجد نصاً فيما اطلعنا عليه من كتب اللغة يجمع هذه الألفاظ التي أوردناها جمعاً سالماً، فلم نسمع مسندات جمعاً لمسند) !.
أقول الجواب عن هذا أن من هذه الألفاظ ما هو اسم، والأصل في جمع الأسماء هو التكسير فكيف يجمع جمع سلامة؟
فالمُهرق: اسم لا صفة، ولو كان على صيغة اسم المفعول، وهو معرب أصله فارسي ومعناه الصحيفة. قال الجوهري في الصحاح (المهرق الصحيفة فارسي معرب والجمع المهارق) . وقال الجاحظ في الحيوان (١/٧٠) : (والمهارق ليس يراد بها الصحف والكتب. ولا يقال للكتب مهارق حتى تكون كتب دين أو كتب عهود وميثاق وأمان) . وجاء في المعرب للجواليقي (٣٠٣) : (والمهرق الصحيفة وهي بالفارسية مهره) . فالميم أصلية لا زائدة وقد أبدلت الهاء بالتعريب قافاً. وإذا صح هذا كان قياس جمع المهرق المهارق تكسيراً.
أما (المصحف) فقد اطرد جمعه على (المصاحف) ، لا جمع له سواه. وليس هو اسم مفعول، ولو رد إلى هذا الأصل. ذلك أن النحاة قد ذكروا أسماء حكوها عن العرب، قالوا أنها ليست جارية على الفعل، على حد أحد من المشتقات. ونقلوا من ذلك (المدهن) بضم الميم والهاء لأداة الدهن وقارورته التي يوضع فيها. قال سيبويه في الكتاب (١/٢٤٨) : (وكل هذه الأبنية تقع اسماً للتي ذكرنا من هذه الفصول، لا لمصدر ولا لموضع العمل) .