على سبيل تعفف وتجمل، فقد وصف الله - عز وجل - قوماً بذلك فقال:{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} واعلم أن السؤال وإن قل ثمن كل نوال وإن جل - كما قال أكثم بن صيفي: ولم يزل السؤال مكروهاً عند ذوي المروءة من الرجال. وفي ذلك يقول الشاعر:
وليس ينبغي للعاقل أن يسأل مشهوراً بالبخل، ولا لئيماً بالطبع، ولا قليل ماء الوجه، ولا حديث عهد بسلطان أو نعمة، فإن نتيجة سؤال هؤلاء الحرمان، وهم أعوان الزمان على الإنسان، وينبغي له ألا يسأل إلا ممكناً يجوز أن يسعفه، فقد قيل: إن العاقل لا يرد عن حاجته. فقيل: وكيف ذلك؟ قيل لأنه لا يسأل إلا ما يجوز. وألا يحمل المسئول إذا أنس منه كرم طبع وحسن إسعاف فوق طاقته، أو أن ينزل به من مئونته ما يستنفذ وسعه، فإنه إذا فعل ذلك أحوجه [أن] يفظع به، وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
(إنك إن كلفتنيِ ما لم أطِق ... ساءَكَ ما سرَّكَ مني [من] خُلق)
وينبغي له ألا يلحق على من يسأله حاجته ولا يبرمه، وأن ينظر أي