من خلقه ما ينتقض به تدبيره في سار خلقه، ويفسد به سياسته في جميع ملكه، لكنه يستجيب لك فيما ينفعك ولا يضر غيرك، فإذا منعك فإنما يمنعك ما تفسد به تدابير لكل الذي أنت جزء منه، كمنعه إياك لنفعك إذا كان حكم الجزء تابعاً لحكم الكل.
وأما السؤال فينبغي أن يكون لله - عز وجل - بالتذلل والاستكانة، وللناس بالتعفف والقناعة، ومجانية التذلل والضراعة، فقد روي أن بعض الحكماء سئل عما يقرب العبد من الله - عز وجل - وما يقرب من الناس فقال: أما ما يقربك من الله - عز وجل - فأن تسله وأما ما يقربك من الناس فألا تسلهم.
وروي أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعلمه عملاً يدخله الجنة، فقال:"لا تسأل الناس شيئاً، فإذا أردت حاجة من الله عز وجل فاسأله إياها فيما بينك وبينه، وأخلص النية له، وتطهر من الذنوب الموبقة بالتوبة والاستغفار، فإن سميع الدعاء فعال لما يريد". واستشعر الإجابة فيما عرفناك، فاشكره ولا تتهمه إن منعك وحماك. وإذا أردت حاجة من المخلوقين فمثل في نفسك عز الغنى وذل الحاجة، وما تريقة من ماء وجهك في المسألة، ثم انظر فإن كان لك مندوحة عن تلك الحاجة تكرمت عنها، وعزفت عن التذلل للمسألة فيها، وإن وجدت الحال يضطرك إليها عملت في مسألة من لا تعرك مسألته ولا يخلقك بذل له من رئيس مسلط منبسط اليد، أو رجل معروف بالإسعاف والتكرم، والسماحة والتذمم، وأتيت ما تأتيه من ذلك