وقوله: «أضربك حيث تقول الهامة اسقونى»، قال الأصمعىّ: العطش فى الهامة، فأراد أضربك فى ذلك الموضع، أى على الهامة حتى تعطش. وقال آخرون: العرب تقول:
إن الرجل إذا قتل خرجت من رأسه هامة تدور حول قبره، وتقول: اسقونى، اسقونى! فلا تزال كذلك حتى يؤخذ بثأره؛ وهذا باطل؛ ويجوز أن يعنيه ذو الإصبع على مذاهب العرب.
وقوله: «لا يخرج القسر منّى غير مأبية»، فالقمر: القهر، أى إن أخذت قسرا لم أزدد إلّا إباء (١).
*** [ذكر معديكرب الحميرى وبعض شعره: ]
ومن المعمّرين معديكرب الحميرىّ؛ من آل ذى رعين «قال ابن سلّام: وقال معديكرب (٢) الجميرىّ- وقد طال عمره:
أرانى كلّما أفنيت يوما ... أتانى بعده يوم جديد
يعود بياضه (٣) فى كلّ فجر ... ويأبى لى شبابى ما يعود
*** [أخبار الربيع بن ضبع الفزارىّ: ]
ومن المعمّرين الربيع بن ضبع (٤) الفزارىّ، ويقال إنه بقى إلى أيام بنى أمية. وروى أنّه دخل على عبد الملك بن
مروان فقال له: يا ربيع، أخبرنى عمّا أدركت من العمر والمدى، ورأيت من الخطوب الماضية، قال: أنا الّذي أقول:
ها أنا ذا آمل الخلود وقد ... أدرك عقلى ومولدى حجرا (٥)
فقال عبد الملك: قد رويت هذا من شعرك وأنا صبى، قال: وأنا القائل:
(١) وانظر ترجمة ذى الإصبع وأخباره وأشعاره فى (الاشتقاق ١٦٣، والمعمرين ٩٠، والأغانى ٣: ٢ - ١١، واللآلئ ٢٨٩ - ٢٩٠، والخزانة ٢: ٤٠٦ - ٤٠٩ والشعر والشعراء ٦٨٨ - ٦٩٠).
(٢) حاشية الأصل: «معديكرب، بالفتح، ويكون معدى مضافا إلى كرب».
(٣) ت، وحاشية الأصل (من نسخة): «ضياؤه».
(٤) ت: «ضبع، بالتنوين، وفى حاشية الأصل: «فى نسخة مقروءة من كتاب سيبويه- وقد قرئ على أبى على الفارسى رحمه الله- وفى أخرى مقروءة على ابن أخنه أبى الحسين: الربيع بن ضبع، منونا بآخره».
(٥) حاشية الأصل:
«حجر أبو امرئ القيس».