قلت: بالمقدر في الظرف، أي هي ثابتة لكم علينا إلى يوم القيامة لا تخرج عن عهدتها إلى يومئذ إذا حكمناكم وأعطيناكم ما تحكمون. ويجوز أن يتعلق بـ {بَالِغَةٌ}، على أنها تبلغ ذلكم اليوم وتنتهي إليه وافرة لم تبطل منها يمين إلى أن يحصل المقسم عليه من التحكيم. وقرأ الحسن "بالغة" بالنصب على الحال من الضمير في الظرف {إنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} جواب القسم؛ لأن معنى
قوله:(وافرة لم تبطل منها يمين)، فإن قلت: لم قال في الوجه الأول: "لا تخرج عن عهدتها إلا يومئذ"، وقي الثاني:"وافرة لم تبطل منها يمين"؟ قلت: لأنه إذا علق {إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ} بالمقدر في {لَكُمْ}، يدخل الأجل في حكم الوجوب المستفاد من نفس الخبر ومتعلقه، أعني "لكم"، أصالة. وإذا علق بـ {بَالِغَةٌ}، وهي صفة للأيمان، يكون الكلام أصالة في الأيمان وبلوغها إلى ذلك اليوم، بأن تكون محفوظة من النقصان، مؤداة وافية تامة. ألا ترى كيف أهمل معنى {بَالِغَةٌ} في الأول واعتبره في الثاني؟ قوله:"إذا حكمناكم" شرط، جزاؤه ما دل عليه "لا تخرج من عهدتها إلا يومئذ".
تلخيص المعنى: أم لكم أيمان علينا بالغة أن نحكمكم، بأن تسووا بين المسلمين والمجرمين، ولا تخرج عن عهدتها إلا إذا حكمناكم يوم القيامة. أو أيمان وافية، فلان تؤدونها إلا إذا حكمناكم يوم القيامة.
قوله: (وقرأ الحسن: "بالغة" بالنصب)، قال ابن جني:"يجوز أن تكون"بالغة" حالًا من الضمير في {لَكُمْ}، لأنه خبر {أَيْمَانٌ}، ففيه ضمير. أو حالًا من نفس الضمير في {عَلَيْنَا}،