للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: {حَرْدٍ} علم للجنة، أي غدوا على تلك الجنة قادرين على صرامها عند أنفسهم، أو مقدرين أن يتم لهم مرادهم من الصرام والحرمان {قَالُوا} في بديهة وصولهم {إنَّا لَضَالُّونَ} أي ضللنا جنتنا، وما هي بها لما رأوا من هلاكها؛ فلما تأملوا وعرفوا أنها هي قالوا {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} حرمنا خيرها بجنايتنا على أنفسنا {أَوْسَطُهُمْ} أعدلهم وخيرهم من قولهم: هو من سطة قومه، وأعطني من سطات مالك، ومنه قوله تعالى: {أُمَّةً وسَطًا} [البقرة: ١٤٣]. {لَوْلا تُسَبِّحُونَ} لولا تذكرون الله وتتوبون إليه من خبث نيتكم، كأن أوسطهم قال لهم حين عزموا على ذلك: اذكروا الله وانتقامه من المجرمين، وتوبوا عن هذه العزيمة الخبيثة من فوركم، وسارعوا إلى حسم شرها قبل حلول النقمة، فعصوه فعيرهم! والدليل عليه قوله: {سُبْحَانَ رَبِّنَا إنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ({أَوْسَطُهُمْ}: أعدلهم وخيرهم)، الراغب: "وسط الشيء، بالتحريك، ماله طرفان متساويا القدر. ويقال ذلك في الكمية المتصلة كالجسم الواحد إذا قلت: وسطه صلب.

ووسط بالسكون، يقال في الكمية المنفصلة كشيء ينفصل بين جسمين، نحو وسط القوم كذا. والوسط بالتحريك، تارة يقال فيما له طرفان مذمومان، كالجرد الذي بين البخل والسرف، فيستعمل استعمال القصد المصون عن الإفراط والتفريط، فيمدح به نحو السواء والعدل والنصفة، نحو {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣]، وعلى ذلك: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ}. وتارة يقال فيما له طرف محمود وطرف مذموم، كالخير والشر، ويكنى به عن الرذل نحو قولهم: فلان وسط من الرجال، تنبيها على أنه خرج من حد الخير".

قوله: (والدليل عليه)، أي: على أن معنى {لَوْلا تُسَبِّحُونَ}، تحريض على التوبة من تلك

<<  <  ج: ص:  >  >>