{إن تَتُوبَا} خطاب لحفصة وعائشة على طريقة الالتفات، ليكون أبلغ في معاتبتهما، وعن ابن عباس: لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر عنهما حتى حج وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل وعدلت معه بالإداوة، فسكبت الماء على يده فتوضأ، فقلت: من هما؟ فقال: عجبًا يا ابن عباس! ! كأنه كره ما سألته عنه، ثم قال: هما حفصة وعائشة.
{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} فقد وجد منكما ما يوجب التوبة، وهو ميل قلوبكما عن الواجب في مخالصة رسول الله صلى الله عليه وسلم من حب ما يحبه، وكراهة ما يكرهه. وقرأ ابن مسعود:(فقد زاغت). {وإن تَظَاهَرَا} وإن تعاونا {عَلَيْهِ} بما يسوؤه من الإفراط في الغيرة وإفشاء سره،
فإن قلت: فلم ترك الضمير في قوله: {نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ}؟
قلت: لكونه جوابًا عن قولها: {مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا}؟ وقد اعتمد في السؤال عن المنبئ، وأوقع المنبأ به فضلةً في الكلام، ولأن في تركه إفادة الشمول والتفخيم، لذلك أردف بالعليم الخبير، أي: العليم بكليات الأحوال، والخبير بجزئياتها، ونظير هذا الأسلوب قوله تعالى:{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} إلى قوله {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}[القصص: ٣٣] وقد سبق بيانه.
قوله:(على طريقة الالتفات)، التفت من قوله:{وإذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ} إلى الخطاب، وأما حديث ابن عباس: لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر رضي الله عنه، فقد رواه البخاري ومسلم وفيه طول.
قوله:(فقد وجد منكما ما يوجب التوبة، وهو ميل القلب)، يعني: أن قوله: {فَقَدْ