وقيل: هم فارس والروم. ومعنى {يُسْلِمُونَ}: ينقادون، لأنّ الروم نصارى، وفارس مجوس، يقبل منهم إعطاء الجزية.
فإن قلت: عن قتادة: أنهم ثقيف وهوازن، وكان ذلك في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: إن صح ذلك فالمعنى: لن تخرجوا معي أبدًا ما دمتم على ما أنتم عليه من مرض القلوب والاضطراب في الدين،
قوله:(عن قتادة: أنهم ثقيف): يعني: ذكرت أن ليس الداعي في قوله: {سَتُدْعَوْنَ} رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف يدعوهم وقد قال:{لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا}[التوبة: ٨٣]، وقد روي عن قتادة: أن المدعو ثقيف وهوازن، فيكون الداعي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وأجاب: أن هذا المطلق مقيد، إما بقيد: ما دمتم على ما أنتم عليه من مرض القلوب، وحين دعاهم زال عنهم ذلك المرض، وإما بقيد قوله:"إلا متطوعين"، وبيأنه: أن ذلك الموعد _الذي دل عليه قوله: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} _ هو أنهم لا يتبعون رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا متطوعين لا نصيب لهم في المغنم.
وقال محيي السنة:" {قُل لَّن تَتَّبِعُونَا} إلى خيبر، {كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ} أي: من قبل مرجعنا إليكم؛ أن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية، ليس لغيرهم فيها نصيب".
فاللام في" الموعد" للعهد بشهادة قوله فيما سبق: " {أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} أي: يغيروا موعد الله لأهل الحديبية"، فإن ذلك الموعد_ على قول مجاهد_ هذا المذكور، فعلى هذا:"أو على قول مجاهد" عطف على قوله: "فالمعنى: لن تخرجوا معي أبدًا ولن تقاتلوا معي عدوا ما دمتم على ما أنتم عليه"، أو: لن تخرجوا أبدًا إلا متطوعين لا نصيب لكم في المغنم، بناء على قول مجاهد.