الاستعارة التخييلة، تتميمًا لمعنى المشاكلة، وهو كالترشيح للاستعارة، أي: إذا كان الله مبايعًا، ولا بد للمبايع_ كما تعورف واشتهر_ من الصفقة باليد، فتتخيل اليد لتأكيد معنى المشاكلة، وإلا فجل جنابه الأقدس عن الجارحة.
هذا هو المراد من قول صاحب "المفتاح": "وأما حسن الاستعارة التخييلية: فأن تكون تابعة للكناية، ثم إذا انضم إليها المشاكلة كانت أحسن وأحسن".
روى الواحدي عن ابن كيسان:"قوة الله ونصرته فوق قوتهم وتصرتهم، أي: ثق بنصرة الله لك لا بنصرتهم وإن ييايعوك". وقال الزجاج:"المعنى: يد الله في الوفاء فوق أيديهم_ أو: في الثواب فوق أيديهم_ في الصاعة، أو يد الله في المنة عليهم في الهداية فوق أيديهم في الطاعة".
وقلت: هذه الوجوه لا تنطبق على تأويل المصنف، لأن قوله:{إنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ}: معناه: ما يبايعون أحد إلا الله، أي: ليست تلك المبايعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل مع الله، ثم لما أريد مزيد توكيد قيل:{يَدُ اللَّهِ}، أي: لا تظنن أن الأمر على خلافه، ألا تشاهد يد الله كيف حصلت فوق أيديهم، كما يفعل المتبايعان. وفي اختصاص الفوقية تتميم معنى الظهور.
وقال أبو البقاء:" {إنَّمَا يُبَايِعُونَ} خبر "إن"، و {يَدُ اللَّهِ} مبتدأ، وما بعده: الخبر، والجملة خبر آخر ل"إن"، أو حال من ضمير الفاعل في {يُبَايِعُونَ}، أو مستأنف".