للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقول: هذه ولدي، وهؤلاء ولدي. فإن قلت: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ} بفتح الهمزة: استفهام على طريق الإنكار والاستبعاد، فكيف صحت قراءة أبي جعفر الهمزة على الإثبات؟ قلت: جعله من كلام الكفرة بدلا عن قولهم: {وَلَدَ اللَّهُ}، وقد قرأ بها حمزة والأعمش. وهذه القراءة وإن كان هذا محملها فهي ضعيفة، والذي أضعفها: أن الإنكار قد اكتنف هذه الجملة من جانبيها؛ وذلك قوله: {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}، {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}، فمن جعلها للإثبات، فقد أوقعها دخيلة بين نسيبين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقد قرأ بها حمزة والأعمش) أي: في الشاذ.

قوله: (فمن جعلها للإثبات فقد أوقعها دخيلة بين نسيبين) يعني: قوله: {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} إلى قوله: {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} كلام الله تعالى على سبيل الإنكار، فلو جعل {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} إخباريا لكان من كلام الكفار فيختل النظم. وقلت: جعله إخباريًا لا يمنع من أن يكون من كلام الله على سبيل الإنكار، ألا ترى إلى قوله تعالى {اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: ٥] بكسر الهمزة؟ وتفسير الحسن أنه قول الله يكذبهم. وقد قال المصنف: قول الحسن إنما يستقيم أن لو فتحت الهمزة للاستفهام الذي في معنى الإنكار، ووجهه أن يكون على نحو قوله:

أفرح أن أرزأ الكرام

وأنشدوا لعمر بن أبي ربيعة:

ثم قالوا: تحبها؟ قلت: بهرا! .... عدد الرمل والحصى والتراب

أي تحبها؟ وبهرًا، أي عجبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>