للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: أن رزقهم كله فواكه؛ لأنهم مستغنون عن حفظ الصحة بالأقوات بأنهم أجسام محكمة مخلوقة للأبد، فكل ما يأكلونه على سبيل التلذذ. ويجوز أن يراد: رزق معلوم منعوت بخصائص خلق عليها: من طيب طعم، ورائحة، ولذة، وحسن منظر. وقيل: معلوم الوقت، كقوله: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: ٦٢].

وعن قتادة: الرزق المعلوم: الجنة. وقوله: {فِي جَنَّاتِ} يأباه. وقوله: {وهُم مُّكْرَمُونَ} هو الذي يقوله العلماء في حد الثواب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقلت: يمكن أن يقال: إن قوله: {مَعْلُومٌ} إما ممول على المتعارف، أي: كما عرف في الدنيا عند أهلها، فيكون بدل الكل من الكل لقوله: ورزقهم كله فواكه، وإما محمول على المعروف، أي كما عرف عند أهل التترف والتنعم، فيكون أيضًا بدل الكل؛ لأن قوله: (من طيب طعم، ورائحة، ولذة، وحسن منظر) كله صفة الفواكه، ويؤيده قول الإمام: المقصود من ذكر الفاكهة التنبيه بالأدنى على الأعلى، يعني: لما كانت الفاكهة حاضرة أبدًا كان الإدام أولى بالحضور، وإما محمول على الوقت كقوله: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: ٦٢] فيكون {فَوَاكِهَ} خبر مبتدأ محذوف والجملة مستأنفة، والمراد بالفواكه كل طعام يؤكل للتلذذن كما مر في الوجه الأول.

قوله: ({فِي جَنَّاتِ} يأباه) قال أبو البقاء: {فِي جَنَّاتِ} يجوز أن يكون ظرفًا أو حالًا أو خبرًا ثانيًا، وكذلك {عَلَى سُرُرٍ}. ويجوز أن يتعلق {عَلَى} بـ {مُتَقَابِلِينَ}، ويكون {مُتَقَابِلِينَ} حالًا من {مُكْرَمُونَ}، أو من الضمير في الجار، و {يُطَافُ عَلَيْهِم}، يجوز أن يكون مستأنفًا وأن يكون كالذي قبله، وأن يكون صفة لـ {مُكْرَمُونَ}، و {مِّن مَّعِينٍ} نعت لـ"كأس"، وكذلك {بَيْضَاءَ} و {عَنْهَا} يتعلق بـ {يُنزَفُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>