وتتنحى (عَنِ الْمَضاجِعِ) عن الفرش ومواضع النوم، داعين ربهم عابدين له؛ لأجل خوفهم من سخطه وطمعهم في رحمته، وهم المتهجدون. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسيرها:«قيام العبد من الليل»، وعن الحسن رضى الله عنه: أنه التهجد. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء مناد ينادى بصوت يسمع الخلائق كلهم: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم. ثم يرجع فينادى: ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع؛ فيقومون وهم قليل، ثم يرجع فينادى: ليقم الذين كانوا يحمدون الله في البأساء والضراء، فيقومون وهم قليل، فيسرحون جميعا إلى الجنة، ثم يحاسب سائر الناس». وعن أنس بن مالك رضى الله عنه: كان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء الآخرة، فنزلت فيهم. وقيل: هم الذين يصلون صلاة العتمة لا ينامون عنها. (ما أُخْفِيَ لَهُمْ) على البناء للمفعول، (ما أخفى لهم) على البناء للفاعل، وهو الله سبحانه،
قوله:(فيَسْرَحون جميعًا إلى الجنَّة)، الأساس: سَرَحَه في المَرْعى سَرْحًا؛ أي: أرسَلَه، وسَرح بنَفْسِه سُروحًا، وسَرَحَ السَّيلُ، وسَيلٌ سارحٌ: يَجري جَرْيًا سَهلاً. لعلَّ النَّظرَ فيه إلى معنى قولِه تعالى:{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا}[الزُّمَر: ٧٣].
قوله:(يُصلّونَ مِن صَلاةِ المغربِ إلى صَلاةِ العِشاء الآخِرة) رَوَينا عن التِّرمذيِّ، عن أنس في قوله تعالى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ}: نَزلت في انتظار الصَّلاةِ الَّتي تُدعى العَتَمة.
وفي روايةِ أبي دَاودَ: كانوا يَتَنفَّلون ما بين المغربِ والعِشاء.
وكان الحسن يقول: قيامُ اللَّيل.
قوله:({مَّا أُخْفِيَ لَهُم} على البناء للمفعول) قرأ حمزةُ: {مَّا أُخْفِيَ لَهُم} بإسكان الياء، والباقون: بفتحها.