للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو عِلْمُها بصدْقِ وعدِ الله. ولكنَّ الأكثرَ لا يعلمونَ بأنّ هذا هو الغرضُ الأصليُّ الذي ما سِوَاهُ تَبعٌ له من قُرّةِ العَيْنِ وذهابِ الحُزن.

[{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} ١٤]

{وَاسْتَوَى} واعتدل وتمّ استحكامُه، وبلَغَ المَبلَغَ الذي لا يُزادُ عليه، كما قال لقيط:

واستَحمِلوا أمرَكُم لله دَرُّكُمُو … سوء المرِيرَة لا قَحْمًا ولا ضَرَعَا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يَعْلَمُونَ} معطوفةٌ على جملةِ العلةِ والمعلول، وعلى الأوّلِ عطفٌ على ما سدّ مَسدّ المفعولَيْنِ لِقولِه: {وَلِتَعْلَمَ}.

قولُه: (وبَلَغَ المبْلَغَ الذي لا يُزادُ عليه)، وعنْ بعضِهم: وفي الحديث: ((إذا بَلَغَ العَبْدُ أربِعينَ سنة؛ فقدْ أعذَرَ الله إليه) قالت الحكماء: هي التي على العاقلِ اللبيبِ إذا شارَفَها أن يَسْتَوِي وعلى الأديبِ الأريبِ إذا أناخَ عليها أن يَرْعَوِي.

قولُه: (واستَحْمِلوا أمرَكُم) البيت، استحملتُه: سألتُه أنْ يحُمِّلَني أمرَكم؛ أي: أمرَ الخلافة. لله دَرُّكُم أي: خيرُكُم وصالحُ عَمَلِكُم؛ لأنّ الدرّ أفضلُ ما يُحتَلَب، وإذا ذَمُّوا قالُوا: لادَرّ الله دَرّه؛ أي: لا كَثّرَ خيرَهُ ولا زَكّى عَمَلَه. والشّزَرُ مِنَ الفَتْل: ما كانَ إلى فوق، خلافُ دورِ المِغْزَل؛ يُقال: حَبْلٌ مَشْزُور؛ أي: شَديدُ الفَتْل. والمرِيرة: العزِيمة، أو مِنْ المِرّةِ، وهي القُوّة، والمريرُ مِنَ الجِبال: ما لَطُفَ وطالَ واشتَدّ، ورجلٌ ذو مِرّة: إذا كانَ سليمَ الأعضاءِ صحيحًا. وشيخٌ قَحْم: هَرِم، مثلُ: قَحْل. والضَّرَع -بفتحتين-: الضعيف. يقول: قلِّدُوا أَمْرَ الخلافةِ رجلاً قادراً قويًّا غيرَ الهَرِم والضعِيفِ الذي لا رأيَ له، لا قَحْمًا ولا ضَرَعًا؛ كقولِه تعالى: {لاَّ فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة: ٦٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>