للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أبصر منها شيئا أحب أن يمدّ إليه نظره ويملأ منه عينيه: قيل (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) أى لا تفعل ما أنت معتاد له وضاربه، ولقد شدّد العلماء من أهل التقوى في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة وعدد الفسقة في اللباس والمراكب وغير ذلك، لأنهم إنما اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة، فالناظر إليها محصل لغرضهم، وكالمغري لهم على اتخاذها (أَزْواجاً مِنْهُمْ) أصنافا من الكفرة. ويجوز أن ينتصب حالا من هاء الضمير، والفعل واقع على (مِنْهُمْ) كأنه قال: إلى الذي متعنا به -وهو أصناف- بعضهم وناسا منهم. فإن قلت: علام انتصب (زَهْرَةَ)؟ قلت: على أحد أربعة أوجه: على الذم وهو النصب على الاختصاص. وعلى تضمين (مَتَّعْنا) معنى أعطينا وخوّلنا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ((أَزْوَاجاً مِنْهُمْ): أصنافاً من الكفرة)، الراغبُ: الزوجُ يقال لكل من القرينتين من الذكر والأنثى، في الحيوانات المتزاوجة وفي غيرها، كالخُف والنعل، ولكل ما يقترنُ بآخر مماثلاً له أو مضادا. قال تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) [الصافات: ٢٢]. أي: أقرانهم المقتدين بهم في أفعالهم. وقال تعالى: (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ) [طه: ١٣١] أي: أشباهاً وأقراناً.

قوله: (ويجوزُ أن ينتصب حالاً من هاء الضمير)، أي: في (بهِ)، وتقديره: وهو أصنافٌ. وقوله: (منهم) على هذا: مفعولٌ به، والعاملُ (مَتَّعْنَا)، و"مِن": للتبعيض، و"ناسا" في الكتاب تفسيرٌ لقوله: بعضهم، المعنى: لاتمدن عينيك إلى أصناف الزخارف التي متعنا بها بعضاً من الكفرة كالملابس الفاخرة والمناكح المؤنقة والمراكب الفائقة والروائح الطيبة، وعلى الأول كان الفعلُ واقعاً على (أَزْوَاجاً) و (مِنْهُمْ): صفةٌ، و"مِن": بيانٌ، أي: لا تُمدنَّ عينيكَ إلى الزخارف التي متعنا بها أصنافاً من الكفرة اليهود والنصارى والمشركين، قال صاحب "التقريب": (مِنْهُمْ) هو المفعولُ به.

قوله: (وعلى تضمين (مَتَّعْنَا) معنى أعطينا وخولنا)، أي: ملكنا، قال صاحبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>