للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(هُدىً) كتاب وشريعة. وعن ابن عباس: ضمن الله لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم تلا قوله (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لأنه حالٌ من الضمير في (اهْبِطَا)، أي: متعادين، عقب بقوله: (فَإِمَّا يَاتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى) على لفظ الجماعة، ولم تحصل منهما العداوة ولا كانا تابعين لأحدٍ من الأنبياء، لكن لما كانا سببي البشري ومنهما نشؤوا، جُعلا كأنهما البشرُ فخوطبا مخاطبتهم، وفي عكسه خطابُ اليهود في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم بنحو قوله: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمْ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ) [البقرة: ١٥٥].

قوله: (وعن ابن عباس: ضمن الله لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة)، ونحوه في "المعالم" عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وعن الشعبي، عن ابن عباس.

وقلتُ: هذا إشارة إلى الترجيع الذي بُنيت هذه السورة الكريمة عليه كما سبق، وإلا فلم خصه بالقرآن هاهنا وتركه في البقرة على العموم والقصة القصةُ؟ حيث قال: (فَإِمَّا يَاتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى) [البقرة: ٣٨] برسولٍ أبعثه إليكم وكتاب أنزله عليكم، بدليل قوله: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا) [البقرة: ٣٩] في مقابلة قوله: (كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا)، روينا عن أبي داود عن سعد بن عبادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله يوم القيامة أجذم"، وزاد رزين: واقرؤوا إن شئتم: قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى)، وإنما خص خير الأمة بأنها لا تضل بالدنيا ولا تشقى بالآخرة؛ لأن قصة آدم عليه السلام كانت مصدرةً بقوله: (فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) ومختتمة بقوله: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) [طه: ١٢١]، وأنهما

<<  <  ج: ص:  >  >>