للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يخرز عليها الخصاف، أى: يلزقان الورق بسوآتهما للتستر وهو ورق التين. وقيل كان مدورا فصار على هذا الشكل من تحت أصابعهما. وقيل كان لباسهما الظفر، فلما أصابا الخطيئة نزع عنهما وتركت هذه البقايا في أطراف الأصابع. عن ابن عباس: لا شبهة في أنّ آدم لم يمتثل ما رسم الله له، وتخطى فيه ساحة الطاعة، وذلك هو العصيان. ولما عصى خرج فعله من أن يكون رشدا وخيرا، فكان غيا لا محالة، لأنّ الغى خلاف الرشد، ولكن قوله (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) بهذا الإطلاق وبهذا التصريح، وحيث لم يقل: وزل آدم وأخطأ وما أشبه ذلك، مما يعبر به عن الزلات والفرطات: فيه لطف بالمكلفين ومزجرة بليغة وموعظة كافة، وكأنه قيل لهم: انظروا واعتبروا كيف نعيت على النبي المعصوم حبيب الله الذي لا يجوز عليه إلا اقتراف الصغيرة غير المنفرة زلته بهذه الغلطة وبهذا اللفظ الشنيع، فلا تتهاونوا بما يفرط منكم من السيئات والصغائر، فضلا أن تجسروا على التورّط في الكبائر. وعن بعضهم (فَغَوى) فبشم «١» من كثرة الأكل، وهذا - وإن صح على لغة من يقلب الياء المكسور ما قبلها ألفا فيقول في «فنى، وبقي»: «فنا، وبقا» وهم بنو طىّ - تفسير خبيث.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (كان لباسهما الظُّفر)، النهاية: أي: شيءٌ يشبه الظفر في بياضه وصفائه وكثافته.

قوله: (فيه لطفٌ للمُكلفين ومزجرةٌ بليغة)، خبرُ "لكن"، أي: لكن قوله كيت وذيت فيه لطف، يعني: كان من الظاهر أن يُقال في حقه: زل وأخطأ، فجعلهُ عاصياً ثم أوقع الغي مسبباً عنه للتغليظ، كما قال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: ٩٧]، يدُلُّ عليه قوله بهذه الغلظة.

قوله: (فَبشِم)، الجوهري: البشمُ: التخمة، يقال: بشمتُ من الطعام، وبشم الفصيلُ من كثرةِ شُربِ اللبَن.

<<  <  ج: ص:  >  >>