كاسب كما يحتاج إلى ذلك أهل الدنيا، وذكرها بلفظ النفي لنقائضها التي هي الجوع والعرى والظمأ والضحو، ليطرق سمعه بأسامى أصناف الشقوة التي حذره منها، حتى يتحامى السبب الموقع فيها كراهة لها.
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى)[طه: ١٢٠].
فإن قلت: كيف عدى "وسوس" تارة باللام في قوله (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ)] الأعراف: ٢٠ [، وأخرى ب (إلى)
قلت: وسوسة الشيطان كولولة الثكلى «١» ووعوعة الذئب ووقوفة الدجاجة، في أنها حكايات للأصوات وحكمها حكم صوت وأجرس. ومنه: وسوس المبرسم،
قوله: (كيف عدى "وسوسَ"؟ )، سؤالٌ عن موقع استعماله مع حرفِ الجرِّ، ووجهِ صحته وتحقيق وضعه، قال الجوهري:(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ) يريدُ: إليهما، ولكن العرب تُوصلُ بهذه الحروف كلها الفعل. وأجاب: أن "وسوس" مأخوذٌ من الوسوسة، وهي: حكايةُ صوتٍ وحكمها حم "صوت"، وكذا وكذا، وهو فعلٌ لازمٌ، فإذا عُدي باللام كان لبيان الموسوس له كما في قوله تعالى:(هَيْتَ لَكَ)[يوسف: ٢٣]، وقوله: أجرس لها، واللامُ من صلة الفعل. وأما في الأصوات فللبيان، وإذا عُدي بـ"إلى" ضُمنَ معنى الإنهاء.
المُغرب: الوسوسة: الصوتُ الخفي. يقال: وسوس الرجلُ بلفظ ما سُمي فاعله: إذا تكلم بكلام خفي يكرره، وهو فعلٌ لازمٌ، كولولت المرأة، ووعوع الذئب، ورجلٌ موسوسٌ بالكسر، ولا يقال بالفتح، ولكن موسوسٌ إليه أو له، أي: تُلقى إليه الوسوسةٌ، وقال أبو الليث: الوسوسةُ: حديثُ النفس، وإنما قيل: موسوس لأنه يحدثُ بما في ضميره.
قوله:(وسوس المُبَرْسَمُ)، المُغرب: بُرْسِمَ الرجل، على ما لا يسم فاعله، فهو مبرسمٌ