إلى أنه من باب التتميم والاستيعاب، يعني كان من الظاهر أن يُضم الشبعُ والريُّ في قرنٍ واحد، و"الكسوةُ والكِنُّ" في آخر، فخولفَ لينبه على أن المذكور هي الأقطابُ التي يدورُ عليها الكفافُ، يعني إنما ضم الشبع واللبس ليؤذن بعدم استغناء الإنسان عنهما، وأنهما من أصولِ النعم، وجمع الاستلال والري ليُشير إلى أنهما تابعان لهُما ومُكملانِ لمنافعهما، وهذا أدخل في الامتنان من الظاهر، لما في تقديم أصول النعم وجلائلها، وإرداف توابعها ولواحقها: الإعلام باستجلابها لسائر ما يُفتقرُ إليها في الكفاف، كما سبق في تقديم (الرحمن) على (الرحيم). وينصرُ هذا التأويل اختلاف العبارتين في الفقرتين، وهو:(إِنَّ لَكَ) و (وَانُكُ) و (أَلاَّ) و (لَا)، فدلت الأولى على استقرار الإكرام وثبوت الاحترام بتقدير متعلقِ الخبر، وإتيانِ اللام، وكذا في تنسيق المذكورات الأربعة مرتبةً هكذا مُقدماً ما هو الأهمُّ فالأهمّ، ثم في جعلها تفصيلاً لمضمون قوله:(فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) وتكرير لفظةِ (فيها)، وإخراجها في صيغة النفي مُكررةَ الأداء، الإيماءُ إلى التعريض بأحوالِ الدنيا، وأنه لابد من مقاساتها فيها، لأنها خُلقت لذلك، وأن الجنةَ ما خُلقت إلا للتنعيم ولا يتصور فيها غيره، وما ذكره من تصوير ما يُنفر السامع ويحذره حتى يُتحامى بعضٌ من ذلك.
قوله:(استجماعها)، وفي بعض النسخ:"اجتماعها"، هو ثاني مفعولي "ذَكَّرَ"، أي: ذكر اللهُ تعالى آدم استجماع هذه الأشياء له في الجنة، أي: اجتماعها.
المُغرب: استجمعت للمرء أموره: اجتمع له ما يحبه. وهو لازمٌ، وقولهم: استجمع الفرس جرياً. نصبٌ على التمييز، وأما قول الفقهاء: مستجمعاً شرائط الجمعة، فليس بثَبْت.
واللامُ في لنقائضها لضعفِ عملِ النفي بسبب التعريفِ أو الفرعية.