للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأزّ، والهزّ، والاستفزاز: أخوات، ومعناها التهييج وشدة الإزعاج، أى: تغريهم على المعاصي وتهيجهم لها بالوساوس والتسويلات. والمعنى: خلينا بينهم وبينهم ولم نمنعهم ولو شاء لمنعهم قسرا. والمراد تعجيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الآيات التي ذكر فيها العتاة والمردة من الكفار، وأقاويلهم، وملاحتهم، ومعاندتهم للرسل، واستهزاؤهم بالدين

من تماديهم في الغىّ وإفراطهم في العناد، وتصميمهم على الكفر، واجتماعهم على دفع الحق بعد وضوحه وانتفاء الشكّ عنه، وإنهما كهم لذلك في اتباع الشياطين وما تسوّل لهم.

(فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) [مريم: ٨٤].

عجلت عليه بكذا: إذا استعجلته منه، أى: لا تعجل عليهم بأن يهلكوا ويبيدوا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وشدة الإزعاج). الراغب: قال تعالى: (تَؤُزُّهُمْ أَزّاً) أي: تزعجهم إزعاج القِدْرِ إذا أزت. أي: اشتد غليانُها. ورُوي في الحديث: "كان يُصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيزِ المرجل"، و"أزهُ" أبلغُ من "هزه".

قوله: (بعد الآيات التي ذكر فيها العُتاة)، وهي قوله تعالى: (وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً) وأشار بالعتاة والمراد إلى ما في قوله: (أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً) وبقوله: "وأقاويلهم" إلى قوله تعالى: (وَيَقُولُ الإِنسَانُ)، (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا)، وبقوله: "مُلاجتهم ومُعاندتهم" إلى قوله: (لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً)، فهذه الآية واردةٌ كالتذييل لتلك الآيات، والتقرير لمضمونها لأن المقصود من أقاصيصهم تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلة اكتراثٍ منه إلى أحوالهم، ومنعٌ من الدعاء عليهم بالاستئصال، ومن ثم رتب عليها قوله: (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ).

قوله: (عجلت عليه بكذا: إذا استعجلته منه). الأساس: أعجلته عن إسلال سيفه، وتعجلتُ إخراجه: كلفته أن يعجله، واستعجل الكفار العذاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>