على أن لا يكون غيره. قرئ (نُنَجِّي) و (ننجي)، و (ينجى) و (ينجى) على ما لم يسم فاعله. إن أريد الجنس بأسره فهو ظاهر، وإن أريد الكفرة وحدهم فمعنى (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا): أنّ المتقين يساقون إلى الجنة عقيب ورود الكفار،
قوله:(فمعنى (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا): أن المتقين يساقون إلى الجنة عقيب ورود الكفار)، يعني: إذا جعل الورود للكفار خاصة، ينبغي أن يفسر (نُنَجِّي) بالسوق، ليتقابلا، لقوله تعالى:(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً)[الزمر: ٧١]، وقوله:(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً)[الزمر: ٧٣]، وعلى الأول قوله:(ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) مقابلٌ لقوله: (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً) لأنها برمتها بمعنى الهلاك.
فإن قلت: إذا كانت الآية من التقابل، فلم خُولف بين قوله:(الَّذِينَ اتَّقَوْا) وقوله: (الظَّالِمِينَ)؟
قلت: ليؤذن بترجيح جانب الرحمة، وبأن التوحيد هو المنجي، والإشراك هو المُردي، فكأنه قيل ثم ننجي من وُجد منه تقوى ما وهو احترازٌ من الشرك، ونهلكُ من اتصف بالظلم، أي: بالشرك ويثبت عليه، قال تعالى:(إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لقمان: ١٣]، قال المصنف في قوله تعالى:(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)[هود: ١١٣]، أي: الذين وجدتُم منهم الظلم، ولم يقل: الظالمين، وفي إيقاع "نذر" مقابلاً لقوله: (نُنَجِّي) إشعارٌ بتلك اللطيفة أيضاً.
قال الراغب: يقال: فلانٌ يذر الشيء، أي: يقذفه لقلة اعتداده به (وَنَذَرَ مَا كَانَ