وهي جامدة، فيعبُرها المؤمنون وتنهار بغيرهم. عن ابن عباس رضى الله عنه: يردونها كأنها إهالة. وروى:"دواية". وعن جابر بن عبد الله أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال:"إذا دخل أهل الجنة الجنة قال بعضهم لبعض: أليس قد وعدنا ربنا أن نرد النار، فيقال لهم: قد وردتموها وهي جامدة". وعنه رضى الله عنه أنه سئل عن هذه الآية؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الورود الدخول، لا يبقى برّ ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، حتى إنّ للنار ضجيجا من بردها» وأما قوله تعالى: (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ)[الأنبياء: ١٠١]؛
قوله:(وهي جامدة)، ورُوي:"هامدةٌ"، أي: باردةٌ أو ساكنةٌ لا تعملُ. الأساس: رجلٌ جامدُ الكف: بخيل، هو جامدُ العين، ولا زلت أضربه حتى جمد. الجوهري: جمد الماء يجمد جمداً وجموداً، أي: قام، وكذلك الدم وغيره إذا يبس.
قوله:(إهالة)، الأساس: هو الودك وكل من الأدهان يؤتدم به كالزيت والحلا بالحاء المهملة.
قوله:(دواية)، الأساس: يقالُ: ما على لبتك دوايةٌ، وهي جلدةٌ تعلو المرق والماء الراكد، شبه النار وحرارتها بالنسبة إلى المؤمنين بحرارة الإهالة والدواية مع دسمها ونعومتها، ليشير إلى السلامة المقرونة بالنعومة، فإن الجمود وإن دل على السلامة لكن لم يُعلم منه النعومةُ، فكلمةُ (بها) كقوله تعالى: (يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ)[الأنبياء: ٦٩]، فإنه لو اقتصر على كونها سلاماً لم يُعلم معنى البرودة، وهو الإيناسُ بها.
قوله:(حتى إن للنار ضجيجاً من بردها)، روينا في "مسند أحمد بن حنبل"، عن أبي سمية: اختلفنا في الورود، فمن قائل: لا يدخلها مؤمنٌ، ومنهم من يقول: يدخلونها جميعاً (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا)، فسألنا جابراً عن ذلك، فأهوى بإصبعيه إلى أذنيه وقال: صُمتاً إن لم أكنْ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الورودُ الدخول، لا يبقى برٌّ ولا فاجرٌ إلا دخلها،