فعن الخليل أنه مرتفع على الحكاية. تقديره: لتنزعنّ الذين يقال فيهم أيهم أشد، وسيبويه على أنه مبنى على الضم لسقوط صدر الجملة التي هي صلته، حتى لو جيء به لأعرب. وقيل: أيهم هو أشد. ويجوز أن يكون النزع واقعا على:(مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ)، كقوله سبحانه:(وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا)[مريم: ٥٠]، أى: لننزعن بعض
وأما قوله:"وليس الكلام على ذلك"، فمن المقلوب، ذكر أبو إسحاق الزجاج بعد ما حكى قول الخليل وسيبويه وينس: والذي أتوهمه أن القول في هذا قول الخليل، ثم لننزعن الذي يُقال لهم أيهم أشد على الرحمن، وتأويله: ثم لننزعن من كل شيعةٍ الذي من أجل عتوه يقال له: أي هؤلاء أشد عتيا، فيُستعمل ذلك في الأشد، وقال: كأنه يبتدأ بالتعذيب لأشدهم عتياًّ، ثم الذي يليه، وهو أوفقُ للتفسير.
وروى محيي السنة عن مجاهدٍ: يريد الأعتى فالأعتى، وفي بعض الآثار: أنهم يُحضرون جميعاً حول جهنم مُسلسلين مغلولين، ثم يُقدم الأكفر فالأكفر، وعليه الوجه الأول من كلام المصنف:"يمتازُ من كل طائفة من طوائف الغي أعصاهم فأعصاهم"، وعليه ينطبق قوله تعالى:(ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً)؛ لأن المعنى على ما قال: تقديم أولاهم بالعذاب فأولاهم على الترتيب، ولا يستقيم مثل هذا المعنى في الوجه الثاني.
قوله:(ويجوز أن يكون النزع واقعاً على: (مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ))، أي: يكون (مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) مفعولا به لقوله: (لَنَنزِعَنَّ)، أي: لننزعن عن بعض كل شيعة، كقوله:(وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا) أي: بعض رحمتنا كما سبق.
وروى الزجاج عن يونس أن قوله:(لَنَنزِعَنَّ) معلقةٌ لم تعمل شيئاً، وأوله الزجاج بقوله:(ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) ثم استأنف فقال: (أَيُّهُمْ)، قال أبو علي: مرادُ