من تجاثي أهلها على الرُّكب، لما في ذلك من الاستيفاز والقلق وإطلاق الحُبَا وخلاف الطمأنينة. أو لما يدهمهم من شدّة الأمر التي لا يطيقون معها القيام على أرجلهم، فيحبون على ركبهم حبوا. وإن فسر بالعموم، فالمعنى أنهم يتجاثون عند موافاة شاطئ جهنم، على أن (جثيا) حالٌ مقدرة كما كانوا في الموقف متجاثين؛ لأنه من توابع التواقف للحساب قبل التوصل إلى الثواب والعقاب. والمراد بالشيعة -وهي «فعلة» كفرقة وفتية- الطائفة التي شاعت، أى: تبعت غاويا من الغواة. قال الله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً)[الأنعام: ١٥٩]، يريد: نمتازُ من كل طائفة
قوله:(وإطلاقِ الحُبا) كنايةٌ عن خلاف الطمأنينة، ولذلك عطفه عليه على سبيل التفسير.
قوله:(وإن فُسر بالعموم) وما يشعر بأن إرادة الخصوص أولى بإتيان "إذْ" للتحقيق في القسم الأول، وأن للشك في الثاني، ولأن الضمير في:(لَنَحْشُرَنَّهُمْ) عائدٌ إلى الإنسان المنكر للبعث في قوله: (أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ)؛ لأنه مظهرٌ وُضع موضع المضمر؛ لأن المراد منه الإنسان المذكور في قوله:(يَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً).
قوله:(على أن (جِثِيّاً) حال مقدرةٌ) يعني: أن قوله: (لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً) إذا فُسر بالخصوص، أي: بالكفار، فيكون حالاً غير مقدرةٍ لاستمرار جثوهم من المحشر على شاطئ جهنم؛ لأن أهل المحشر كلهم يجثون على ركبهم قلقاً واضطرابا أو قلة طاقة وعجزاً. وإذا فُسر بالغموم كان: حالاً مقدرةً؛ لأن غير الكفار لا يستمر جثوهم إلى الإحضار إلى شاطئ جهنم، بل نهم بعد الجثو في المحشر يمشون إلى شاطئ جهنم بأرجلهم، ثم عند الإحضار يجثون، دل على هذا التقدير عطفُ (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ) على (لَنَحْشُرَنَّهُمْ) وأنه لابد من الجثو في المحشر لقوله: (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً)[الجاثية: ٢٨].
قوله:(الطائفة التي شاعت، أي: تبعت غاوياً)، قاله بناءً على العرف، وإلا فالشيعة