للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ) [الروم: ٢٧]، على أن ربَّ العزة سواء عليه النشأتان، لا يتفاوت في قدرته الصعب والسهل، ولا يحتاج إلى احتذاء على مثال ولا استعانة بحكيم، ولا نظر في مقياس، ولكن يواجه جاحد البعث بذلك دفعا في بحر معاندته، وكشفا عن صفحة جهله. القراء كلهم على (لا يَذْكُرُ) بالتشديد إلا نافعا وابن عامر

وعاصما رضى الله عنهم، فقد خففوا. وفي حرف أبىّ: (يتذكرُ). (مِنْ قَبْلُ): من قبل الحالة التي هو فيها وهي حالة بقائه.

(فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا) [مريم: ٦٨ - ٧٠].

في إقسام الله تعالى باسمه -تقدست أسماؤه- مضافا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفخيم لشأن رسول الله ورفع منه، كما رفع من شأن السماء والأرض في قوله تعالى: (فَوَرَبِّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأجسام، لكن تجتمعُ وتتفرقُ كما قال الزمخشريُّ فقد أبعدوا ومالوا إلى مهاوي الفلاسفة.

وتفطن الزمخشري بأن القول بإعدام الأجسام وإعادتها يُبطلُ الفرق بين النشأتين، فلم يُطلقه، والقرآن قد نطق به، فالتزم أن الجسام لا تنعدم ليتميز له الفرق بين النشأتين، لأنها على هذا جمعٌ وتأليفٌ، بخلاف الأولى، فإنها إيجادٌ، فهرب من القطر فوقع تحت الميزاب، والفرقُ بين النشأتين أن الأولى أصعبُ بالنسبة إلى قياس العقل، إلا أن ذلك راجعٌ إلينا وإلا فالكل إلى قدرته سواء.

قوله: (تفخيمٌ لشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم)، يعني: الإضافة إضافة تشريف، كبيت الله وناقةِ الله، ثم إذا ضُم معها القسمُ يزداد التفخيم، وأنه بمكان له مدخلٌ في الإقسام به من الفضائل النابهة والكرامة الفائقة، ثم في إيراد هذا القسم بين السبب والمسبب تأكيدٌ بليغٌ في شأن الوعيد، وذلك أنهم لما أنكروا الحشر بقولهم: (أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً) بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>