الأيمن: من اليمين، أى: من ناحيته اليُمنى. أو: من اليُمن صفة للطور، أو للجانب. شبهه بمن قرّبه بعض العظماء للمناجاة، حيث كلمه بغير واسطة ملك. وعن أبى العالية قرّبه حتى سمع صريف القلم الذي كُتبت به التوراة.
(مِنْ رَحْمَتِنا) من أجل رحمتنا له وترؤفنا عليه، وهبنا له هارون. أو بعض رحمتنا، كما في قوله (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا)[مريم: ٥٠]. و (أَخاهُ) على هذا الوجه بدل.
قوله:(صريف القلم). النهاية: صريف الأقلام: صوت جريانها بما تكتبه من أقضية الله عز وجل ووحيه وما ينسخونه من اللوح المحفوظ.
قوله:(كما في قوله: (ووَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا))، يعني: ما ينصر أن ((من)): للتبعيض: قوله تعالى: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ ومَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وهَبْنَا لَهُ إسْحَاقَ ويَعْقُوبَ وكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيًا (٤٩) ووَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًا) لأن ((من)) في هذه الآية لا تحتمل ما تحتمله في تلك الآية من الوجهين؛ لأن (وهَبْنَا) يقتضي مفعولاً به وليس فيها غيره، بخلافه فيما نحن فيه؛ لأن (أَخَاهُ) إن جعل مفعولاً كان ((من)): ابتدائياً، وإذا جعل ((من)) مفعولاً، كان (أَخَاهُ) بدلاً منه، وبعض الرحمة أما دينيٌّ وهو النبوة والكتاب والحكمة وإرشاد الخلق، أو دنيويٌّ وهو الولد والمال وسعة الرزق، وفي كلام الواحدي إشعارٌ بهذا.
فعلى هذا الأنسب أن يجعل (أَخَاهُ) بدل البعض من الكل؛ لأن معاضدته بأخيه، ومؤازرته به، بعض المذكورات، قال في قوله تعالى:(فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ)[إبراهيم: ٢١]: يجوز أن يكونا للتبعيض معاً، بمعنى: هل أنتم مغنون عنا بعض شيءٍ، هو بعض عذاب الله؟ أي: بعضَ بعضِ عذاب الله، والمعنى على الابتداء: ووهبنا له من أجل سبق رحمتنا، وتقدير تخصيصه بالمواهب الدينية والدنيوية:(أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًا)، والأول