(مِنْ رَحْمَتِنا) هي النبوّة عن الحسن. وعن الكلبي: المال والولد، وتكون عامّة في كل خير دينى ودنيوى أوتوه. لسان الصدق: الثناء الحسن. وعبر باللسان عما يوجد باللسان، كما عبر باليد عما يطلق باليد وهي العطية. قال:
إنى أتتنى لسان لا أسر بها
يريد الرسالة. ولسان العرب: لغتهم وكلامهم. استجاب الله دعوته (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)[الشعراء: ٨٤]؛ فصيَّره قدوةً حتى ادّعاه أهل الأديان كلهم. وقال عز وجل:(مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ)[الحج: ٧٨]، و:(مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)[البقرة: ١٣٥]، (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)[النحل: ١٢٣]، وأعطى ذلك ذُرِّيَّتَه فأعلى ذِكرهم وأثنى عليهم، كما أعلى ذكره وأثنى عليه.
قوله:(كما عبر باليد عما يطلق باليد)، هو من باب إطلاق السبب على المسبب، أو من باب إطلاق اسم المحل على الحال.
قوله:(إني أتتني لسانٌ لا أسر بها)، تمامه:
من علو لا عجبٌ منها ولا سخر
علوة: اسم امرأة. الضمير في ((بها)) راجعٌ إلى الكلمة، والشعر لأعشى باهلة قد أتاه خبر مقتل أخيه المنتشر، ويروى: ولا صخب، وهو الصياح مكان: ولا سخر، يقال: سخرت منه أسخر سخراً، بالتحريك، مسخراً وسخراً.
قوله:(وأعطى ذلك)، يجوز أن يكون إشارةً إلى معنى قوله:(ووَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا) الآية، ولذلك رتب عليه قوله:((فأعلى ذكرهم وأثنى عليهم)) وجعل ذلك تخلصاً إلى ذكر موسى عليه السلام بقوله: (واذْكُرْ فِي الكِتَابِ مُوسَى إنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا).
قوله:(كما أعلى ذكره). الأساس: ومن المجاز: له ذكرٌ في الناس، أي: صيتٌ وشرفٌ (وإنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ ولِقَوْمِكَ)[الزخرف: ٤٤]، ورجلٌ مذكور.