للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بِما أَغْوَيْتَنِي) الباء للقسم. و «ما» مصدرية وجواب القسم (لَأُزَيِّنَنَّ) المعنى: أقسم بإغوائك إياي لأزينن لهم. ومعنى إغوائه إياه: تسبيبه لغيه، بأن أمره بالسجود لآدم عليه السلام، فأفضى ذلك إلى غيه. وما الأمر بالسجود إلا حسن وتعريض للثواب بالتواضع والخضوع لأمر الله، ولكن إبليس اختار الإباء والاستكبار فهلك، والله تعالى بريء من غيه ومن إرادته والرضا به، ونحو قوله (بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ: قوله) (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) في أنه إقسام، إلا أن أحدهما إقسام بصفته والثاني إقسام بفعله، وقد فرق الفقهاء بينهما.

ويجوز أن لا يكون قسما، ويقدر قسم محذوف، ويكون المعنى: بسبب تسبيبك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (برئ من غيه ومن إرادته والرضا به). قوله: "من إرادته" مذهبه، و"الرضا به" مذهب أهل السنة.

قوله: (وقد فرق الفقهاء بينهما) أي: بين الإقسام بصفة الله تعالى، وبين الإقسام بفعله، فقوله: " (فَبِعِزَّتِكَ) إقسام بالصفة، و (بِمَا أَغْوَيْتَنِي) إقسام بالفعل".

وفي "شرح الوافي": قال العراقيون: الحلف بصفات الذات، كالقدرة والعظمة والعزة والجلال والكبرياء، يمين، وبصفات الفعل، كالرحمة والسخط والغضب والرضا، ليس بيمين. وصفة الذات: ما لا يجوز أن يوصف بضده، وصفة الفعل ما يجوز أن يوصف بضده، فإنه تعالى يرضى بالإيمان، ولا يرضى بالكفر، ثم قال الشارح: والمذهب عندنا أن صفات الله لا هو ولا غيره، وكلها قديمة، فلا يستقيم الفرق، والأصح ما قلنا، لأن الأيمان مبنية على العرف، لأن اليمين إنما ينعقد للحمل أو المنع، وهذا إنما يكون بما يعتقد الحالف تعظيمه، وكل مؤمن يعتقد تعظيم الله وهو لجميع صفاته معظم، فصارت حرمة ذاته وصفاته حاملاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>