للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لـ (صلصال)، كأنه أفرغ الحمأ فصور منها تمثال إنسان أجوف، فيبس حتى إذا نقر صلصل، ثم غيره بعد ذلك إلى جوهر آخر وَالْجَانَّ للجن كآدم للناس. وقيل: هو إبليس. وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد: (والجأن)، بالهمز مِنْ نارِ السَّمُومِ من نار الحرّ الشديد النافذ في المسام. قيل: هذه السموم جزء من سبعين جزأ من سموم النار التي خلق الله منها الجانّ.

[(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ* فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ* فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ* قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ* قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ* قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ* وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ* قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ*

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صلصالاً، كأنه قيل: من صلصال مصور كائن من حمأ، ويُعلم منه أن المسنون إذا كان بمعنى المتصور، حقه أن يكون صفة لحمأ، لأن الحمأ هو المفرغ المصبوب لا الصلصال.

قال أبو البقاء: (مِنْ حَمَإٍ) في موضع جر صفة لـ (صَلْصَالٍ)، أي: صلصال كائن من حمأ، ويجوز أن يكون بدلاً من (صَلْصَالٍ) بإعادة الجار.

قوله: ((مِنْ نَارِ السَّمُومِ): من نار الحر الشديد النافذ في المسام)، قال القاضي في قوله تعالى: (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ) لا يمتنع خلق الحياة في الأجرام البسيطة كما لا يمتنع خلقها في الجواهر المفردة، فضلاً عن الأجساد المؤلفة التي الغالب فيها الجزء الناري، فإنها أقبل لها من التي الغالب فيها الجزء الأرضي، وقوله: "من نارٍ": باعتبار الغالب، كقوله: (خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ) [فاطر: ١١].

<<  <  ج: ص:  >  >>