للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يَوْمَ يَأتِيهِمُ الْعَذابُ) مفعول ثانٍ لـ"أنذر" وهو يوم القيامة. ومعنى: (أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ): رُدّنا إلى الدنيا وأمهلنا إلى أمدٍ وحدّ من الزمان قريب، نتدارك ما فرطنا فيه من إجابة دعوتك واتباع رسلك. أو أريد بـ"اليوم": يوم هلاكهم بالعذاب العاجل، أو يوم موتهم معذبين بشدّة السكرات ولقاء الملائكة بلا بشرى، وأنهم يسألون يومئذ أن يؤخرهم ربهم إلى أجل قريب، كقوله: (لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ) [المنافقون: ١٠].

(أَوَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ) على إرادة القول، وفيه وجهان: أن يقولوا ذلك بطراً وأشراً، ولما استولى عليهم من عادة الجهل والسفه، وأن يقولوه بلسان الحال حيث بنوا شديداً وأمّلوا بعيداً. (وما لَكُمْ) جواب القسم، وإنما جاء بلفظ الخطاب لقوله (أَقْسَمْتُمْ)، ولو حكى لفظ المقسمين لقيل: ما لنا مِنْ زَوالٍ والمعنى أقسمتم أنكم باقون في الدنيا لا تزالون بالموت والفناء. وقيل. لا تنتقلون إلى دار أخرى يعنى كفرهم بالبعث، كقوله (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ) يقال: سكن الدار وسكن فيها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نخب- بكسر الخاء-: أي جبان لا فؤاد له، وهواء: صفر من الخير.

قوله: (أن يقولوا ذلك بطراً وأشراً)، إشارة إلى أن القول مضمر، أي: ألم يكونوا بطرين أشرين قائلين: والله ما لنا من زوال، أو أن يقولوه بلسان الحال، أي: لا قول ثمة ولا قسم، ولكن دل بطرهم وأشرهم من بناء القصور والأمل البعيد على هذا المعنى.

قوله: (يعني: كفرهم بالبعث)، يريد: أن قولهم: "ما لنا من زوال" مبني على إنكار البعث، وأن القوم دهرية، يعني: لم نزل على هذه الطريقة، لأن القائلين بالقدم يقولون: (مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ) [الجاثية: ٢٤]، خذلهم الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>