للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن معاملة الرقيب عليهم، المحاسب على النقير والقطمير.

وإن كان خطاباً لغيره ممن يجوز أن يحسبه غافلاً، لجهله بصفاته، فلا سؤال فيه. وعن ابن عيينة: تسلية للمظلوم وتهديد للظالم، فقيل له. من قال هذا؟ فغضب وقال: إنما قاله من علمه.

وقرئ: (يؤخرهم) بالنون والياء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (النقير والقطمير)، الجوهري: "النقير: النقرة التي في ظهر النواة"، و"القطمير: الفوفة التي في النواة، وهي القشرة الرقيقة".

قوله: (تسلية للمظلوم، وتهديد للظالم)، يعني: الخطاب عام، فلا يختص به مخاطب دون مخاطب، لأن الناس بين ظالم ومظلوم، فإذا سمع المظلوم أن الله تعالى عالم بما يفعله الظالم وينتصر له هان عليه ظلمه، والظالم إذا تصور أن الله تعالى عالم بما يفعله، ولابد أن يجازيه على ظلمه، ربما ارتدع عن ظلمه.

وإنما غضب عليه؛ لأن السائل قصر التأويل على التقليد، وطلب منه الرواية، ولهذا قال: "إنما قاله من علمه"، أي: قاله صاحب الدراية.

وهذا مناسب لتأليف النظم؛ فإن الآية مردودة إلى قوله: (قُلْ تَمَتَّعُوا) و (قُل لِعِبَادِيَ) [إبراهيم: ٣٠ - ٣١]، أمر صلوات الله عليه وسلامه بمتاركة القوم، وبأن يقول لهم: (تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) [إبراهيم: ٣٠]، وبأن يشتغل بتبليغ الرسالة مع من ينتفع به بالعمل وباستعمال الفكر والاعتبار؛ بقوله: (يُقِيمُوا الصَّلَاةَ) [إبراهيم: ٣١] الآية، وبقوله: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ) [إبراهيم: ٣٢]، وقوله: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ) [إبراهيم: ٣٥]، ثم سلاه وهدد الظالم على سبيل العموم بقوله: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)، وختم به وبما يتصل به السورة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>