للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانتصابه على الحال. كانوا يدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمور يوافقهم عليها منها أن يصلى إلى قبلتهم بعد ما حوّله الله عنها، فقيل له: لئن تابعتهم على دين ما هو إلا أهواء وشبه بعد ثبوت العلم عندك بالبراهين والحجج القاطعة، خذلك الله فلا ينصرك ناصر، وأهلكك فلا يقيك منه واقٍ، وهذا من باب الإلهاب والتهييج، والبعث للسامعين على الثبات في الدين والتصلب فيه، وأن لا يزلّ زالّ عند الشبهة بعد استمساكه بالحجة، وإلا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من شدّة الشكيمة بمكان.

[(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَاتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ* يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بدار الجزاء" إشارة إلى قوله: (وَإِلَيْهِ مَآبِ)، يعني: أجبهم بقولك: (أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ) الآية، واعلم أنا أنزلنا القرآن مثل ذلك الإنزال العجيب الشأن؛ تشجيعاً له وشرحاً لصدره صلوات الله عليه وتسلية عما قاسى من إنكارهم.

قوله: (وانتصابه على الحال)، أي: انتصاب (حُكْماً) على أنها حال موطئة، كقوله تعالى: (قُرْآناً عَرَبِيّاً) [يوسف: ٢].

قوله: (ما هو إلا أهواء)، وشبه الحصر مستفاد من وضع أهوائهم موضع ما زعموا أنه الدين، ودعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه من أن يصلي إلى قبلتهم، أي: ليس ذلك إلا عن شبه، وكذلك قابله بقوله: (بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ)، وأخرج الجملة مخرج القسمية، لأن اللام في (وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ) موطئة للقسم.

قوله: (وإلا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم)، أي: هذا من باب البعث للسامعين على الثبات والتصلب

<<  <  ج: ص:  >  >>