للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإن قلت: ما تعلق قوله: (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) بما قبله؟ قيل: تعلق التفسير، كما أن قوله: (خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ) تفسير لقوله: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ) [آل عمران: ٥٩].

والجواب: أما إنكار التأويل لمنع الحمل، وتمثيله بقوله: "كان تقدير الكلام: صفة الجنة فيها أنهار" فضعيف، ألا ترى إلى أنه كيف مثلها بقوله: "صفة فلان أسمر"، لأن معناه حينئذ: صفة الجنة جريان الأنهار من تحتها، ولا شك أن إرادة الصفة من المثل مجاز إنما يجوز إذا كانت الصفة مشتملة على قصة عجيبة الشأن، أو أمر عجيب، فجريان الأنهار من تحت الجنان مع دوام الأكل والظل من غير انقطاع من الأمور العجيبة.

وأما تأنيث الضمير: فلكونه راجعاً إلى "الجنة" لا إلى "المثل"، وإنما جاز ذلك لأن المقصود من المضاف عين المضاف إليه، وذكره توطئة، وليس نحو: غلام زيد.

وأما قوله: "إن "الشبه" عبارة عن المماثلة، وهو حدث، والجنة غير حدث" فضعيف، لأن التشبيه حينئذ تمثيلي، والوجه منتزع من عدة أمور متوهمة، فينتزع من أحوال الجنان المشاهدة- من جريان أنهارها، وغضارة أغصانها، وتكاثف أفنانها، وغير ذلك من الحسن والنضارة- ما يجعل مشبهاً به، وهو المرادم ن قول الزجاج: "إن الله عز وجل عرفنا أمر الجنة التي لم نرها ولم نشاهدها بما شاهدناه في أمور الدنيا وعايناه"، ولذلك صرح

<<  <  ج: ص:  >  >>