للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فضلا عن أن يربؤوا بأنفسهم عن متابعتها ومصاحبتها، ويضنوا بها على ما سمح بنفسه عليه، وهذا نهى بليغ مع تقبيح لأمرهم، وتوبيخ لهم عليه، وتهييج لمتابعته بأنفة وحمية.

(ذلِكَ) إشارة إلى ما دل عليه قوله: "ما كان لهم أن يتخلفوا"، من وجوب مشايعته، كأنه قيل: ذلك الوجوب بسبب بِأَنَّهُمْ (لا يُصِيبُهُمْ) شيء من عطش، ولا تعب ولا مجاعة في طريق الجهاد، ولا يدوسون مكانا من أمكنة الكفار بحوافر خيولهم وأخفاف رواحلهم وأرجلهم، ولا يتصرفون في أرضهم تصرفا يغيظهم ويضيق صدورهم، (وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا): ولا يرزؤونهم شيئا بقتل أو أسر أو غنيمة أو هزيمة أو غير ذلك،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (يربؤوا بأنفسهم عن متابعتها)، الأساس: "وإني لأربأ بك عن الأمر: أرفعك عنه ولا أرضاه لك، وربأت بنفسي عن عمل كذا، وما عبأت بكذا ولا ربأت به".

قوله: ((ذَلِكَ) إشارة إلى ما دل عليه قوله: "ما كان لهم أن يتخلفوا"): وهو تلخيص للتلاوة ودلالتها على وجوب مشايعته؛ لما مر في قوله: (مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ) أنه متضمن للأمر بالنفير معه، صلوات الله عليه.

والمعنى: أن ذلك الأمر والتهييج بسبب ترتب هذه الفوائد المتكاثرة عليه ديناً ودُنيا، ومن حق العاقل أن لا يتقاعد عنها.

فقوله: (وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً) القرينتان واردتان لبيان ما لهم من الغنيمة والنصرة بعد بيان ما كان عليهم من التعب والنصب في قوله: (لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، ثم جُمعا في قوله: (إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ).

قوله: (ولا يرزؤونهم شيئاً): أي: لا ينقصوهم، ومنه: الرزية: المصيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>