للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تمثلوا , ولا تقتلوا وليداً , ولا تعتدوا " (١).

قال الرازي: " السبب في أن الله تعالى أمر أولا بقتال من يقاتل، ثم في آخر الأمر أذن في قتالهم سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا.

قلنا: لأن في أول الأمر كان المسلمون قليلين، فكان الصلاح استعمال الرفق واللين والمجاملة، فلما قوي الإسلام وكثر الجمع، وأقام من أقام منهم على الشرك، بعد ظهور المعجزات وتكررها عليهم حالا بعد حال، حصل اليأس من إسلامهم، فلا جرم أمر الله تعالى بقتالهم على الإطلاق " (٢).

القول الراجح:

إن الآية محكمة وليست منسوخة , كما قرر ذلك ابن عاشور بناء على قاعدة المبحث أن (الزيادة على النص لا تعد نسخا) ومن قوله في هذه الآية: " احتار كثير من المفسرين في انتظام هذه الآيات من قوله: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} (٣) إلى قوله هنا {كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} (٤) حتى لجأ بعضهم إلى دعوى نسخ بعضها ببعض , فزعم أن آيات متقارنة بعضها نسخ بعضاً؛ مع أن الأصل أن الآيات المتقارنة في السورة


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الأمراء على البعوث، ج ٣، ص ١٣٥٧، ح- ١٧٣١.
(٢) التفسير الكبير / الرازي، ج ٢، ص ٢٨٨.
(٣) سورة البقرة، الآية (١٩٠).
(٤) سورة البقرة، الآية (١٩١).

<<  <   >  >>