للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشبهتهم: أن المجاز أخو الكذب , والقرآن منزه عنه , وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير , وذلك محال على الله تعالى، وهذه شبهة باطلة , ولو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن فقد اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة , ولو وجب خلو القرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنية القصص وغيرها " (١).

وقال الشوكاني: "المجاز واقع في لغة العرب عند جمهور أهل العلم" (٢).

أما عن موقف شيخ الإسلام ابن تيمية في المجاز فما نقل عنه مضطرب في هذا الباب, أو هو قال به في فترة من حياته ثم رجع عنه نظراً لاستفحال أمر المعطلة والمؤولة الذين دخلوا من باب المجاز على آيات الصفات وعطلوها، وقد ورد عن شيخ الإسلام ما يثبت القول به , وإن لم ينص على اسمه.

ومما تقدم تبين لنا أن الدافع لإنكار من أنكر المجاز هو امتداد القول به لآيات الصفات ومن ثم وقع الخبط والخلط والضلال في ذلك، مع أن المذهب الحق هو أنها خارجة عن ذلك , فإذا استثني ذلك يرتفع الخلاف ويصبح المجاز أسلوبا سائغا من أساليب العربية، سواء سمي مجازا أو أسلوبا من أساليب العرب في بيانها , فيكون الخلاف في ذلك خلافا في اللفظ والاصطلاح لا في التعبير والتطبيق, وكونه يأخذ اسم المجاز أضبط وأدق وأدعى لمعرفة مجاريه وأوديته ودواعي القول به ... .


(١) الإتقان / السيوطي، ج ٢، ص ٧٧.
(٢) إرشاد الفحول/ الشوكاني، ج ١، ص ٩٩.

<<  <   >  >>