هو محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء، أبو يعلى.
سمع من: علي بن عمر الحربي، وإسماعيل بن سويد، وعيسى بن الوزير، وأم الفتح بنت أحمد بن كامل، وابن معروف القاضي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وطائفة.
وحدث عنه: الخطيب، وأبو الوفاء بن عقيل، وأبو غالب بن البناء، وأخوه يحيى بن البناء، وأبو الخطاب الكلوذاني، وابنه القاضي أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء، وغيرهم.
كان عالم زمانه، وفريد عصره ونسيج وحده، وكان له في الأصول والفروع القدم العالي، وأصحاب الإمام أحمد رضي اللَّه عنه له يتبعون ولتصانيفه يَدْرِسون ويُدَرِّسون، وبقوله يفتون، وعليه يعولون، والفقهاء على اختلاف مذاهبهم وأصولهم كانوا عنده يجتمعون ولمقاله يسمعون، وبه ينتفعون.
كان أبوه من أعيان الحنفية، ومن شهود الحضرة، فتوفي ولأبي يعلى عشرة أعوام، فلقنه مقرئه العبادات من "مختصر الخرقي"، فلذ له الفقه، وتحول إلى حلقة أبي عبد اللَّه بن حامد، شيخ الحنابلة، فصحبه أعواما، وبرع في الفقه عنده، وتصدر بأمره للإفادة سنة اثنتين وأربعمائة.
وابتدأ بالتصنيف والتدريس بعد وفاة شيخه ابن حامد.
ثم ولي القضاء بدار الخلافة والحريم، مع قضاء حران وحلوان، وقد تلا بالقراءات العشر، وكان ذا عبادة وتهجد، وملازمة للتصنيف، مع الجلالة والمهابة، ولم تكن له يد طولى في معرفة الحديث، فربما احتج بالواهي، وكان متعففا، نزه النفس، كبير القدر، ثخين الورع.