للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالصِّدْقُ وَالْإِخْلَاصُ وَالْمَحَبَّهْ ... وَفَّقَكَ اللَّهُ لِمَا أَحَبَّهْ

هَذَا تَفْصِيلُ الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ السَّابِقِ ذِكْرُهَا الَّتِي قُيِّدَتْ بِهَا هَذِهِ الشَّهَادَةُ, فَأَصْغِ سَمْعَكَ وَأَحْضِرْ قَلْبَكَ لِإِمْلَاءِ أدلتها وتفهمها وتعقلها, ثُمَّ اعْمَلْ عَلَى وَفْقِ ذَلِكَ تَفُزْ بِسَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ, كَمَا وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ إِنَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ:

الْأَوَّلُ "الْعِلْمُ" بِمَعْنَاهَا الْمُرَادِ مِنْهَا نَفْيًا وَإِثْبَاتًا الْمُنَافِي لِلْجَهْلِ بِذَلِكَ, قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [مُحَمَّدٍ: ١٩] وَقَالَ تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ} [الزُّخْرُفِ: ٨٦] أَيْ: بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} بِقُلُوبِهِمْ مَعْنَى مَا نَطَقُوا بِهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ. وَقَالَ تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آلِ عِمْرَانَ: ١٨] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزُّمَرِ: ٩] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فَاطِرٍ: ٢٨] وَقَالَ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [الْعَنْكَبُوتِ: ٤٣] . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" ١.

"وَالْيَقِينُ" أَيْ: وَالثَّانِى الْيَقِينُ الْمُنَافِي لِلشَّكِّ بِأَنْ يَكُونَ قَائِلُهَا مُسْتَيْقِنًا بِمَدْلُولِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ يَقِينًا جَازِمًا, فَإِنَّ الْإِيمَانَ لَا يُغْنِي فِيهِ إِلَّا عِلْمُ الْيَقِينِ لَا عِلْمُ الظَّنِّ, فَكَيْفَ إِذَا دَخَلَهُ الشَّكُّ, قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الْحُجُرَاتِ: ١٥] فَاشْتَرَطَ فِي صِدْقِ إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ كَوْنَهُمْ لَمْ يَرْتَابُوا أَيْ: لَمْ يَشُكُّوا, فَأَمَّا الْمُرْتَابُ فَهُوَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ, وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ, الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ


١ مسلم "١/ ٥٥/ ح٤٣" في الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>